الجزيرة برس- راغدة بهنام –كشف ضابط سوري منشق، قبع في سجن صيدنايا سيئ السمعة عن وجود 2500 ضابط من رتب مختلفة، زجّ بهم نظام الأسد هناك منذ ما يزيد عن عام.
وقال الملازم أول المنشق، معن خضر، في مقابلة مع قناة “العربية” إن “2500 ضابط سوري مسجونون بالسجن الأحمر بصيدنايا، بينهم ضابط اسمه حسين هرموش، وقد سمعت اسمه بالصدفة الصيف الماضي”.
وأضاف خضر “بحدود علمي لا يوجد جيش بالعالم يسجن هذا العدد – 2500 ضابط – خلال سنة واحدة، من رتبة عميد لعقيد، وضباط من الكلية الحربية، وضباط من الفرقتين التاسعة والسابعة. وعندما يسأل العالم أين الجيش السوري نقول لهم إنهم موجودون بالسجون”.
وبخصوص المحاكمة العسكرية، فهي محاكمة صورية وسرية، عبارة عن جلسة واحدة، وتنتهي بأحكام ثقيلة. واللافت للانتباه، حسب معن خضر، أن السجانين هم من فئة العسكريين المجندين صغار السن، ما بين 18 و20 سنة، تعرضوا لغسيل مخ شديد، لتعذيبنا.
وفي حديثه لقناة “العربية” اعترف معن خضر بأنه “لم يتخلص بعد من خوفه، بسبب بقاء 5 آلاف إلى 6 آلاف سجين يعانون هناك، وكشف أن زملاءه بالسجن طالبوه بنقل هذه الرسالة للعالم أجمع”.
وبشأن طريقة خروجه من السجن، قال معن خضر: “أنا خرجت بعفو رئاسي في 26 -10-2012 وبعد ذلك انشققت عن الجيش السوري، ثم توجهت بعدها إلى مدينة “الأبيض” ولاحقاً دخلت التراب التركي، وتهمتي كانت التنسيق مع 15 ضابطاً بكلية الإشارة بحمص، لنقل أخبار الثورة عبر برنامج “سكاي بي” لعناصر الجيش السوري الحر، حتى يكون الجيش على اطلاع بما يجري حوله”.
أما فيما يتعلق بأقسى مظاهر التعذيب التي آلمت معن خضر، فهو السباب والشتيمة المستمرة، حيث يقول “مرة تم تعذيب أحد السجناء وتم شتم أخته بقسوة وطلب منه السجّان تكرار كلمات بذيئة في حق أخته، مقابل أن يسمح له بحق الزيارة العائلية داخل السجن. وكذلك التعذيب بالكهرباء، حيث يقول معن “لدينا زميل سجين تم إدخاله إلى “المنفردة” وتم تعذيبه لأربع ساعات بالدولاب وبالكهرباء. وهناك كثيرون فقدوا السمع أو البصر أو أعضاء بالجسم بسبب هذا التعذيب”.
ومدير السجن الأحمر، وهو طلعت محفوظ، مشهود له بالإجرام، حيث كان في سجن تدمر ثم جلبوه إلى سجن صيدنايا، وهو يشرف على “التفنن الدائم” في اختراع أساليب التعذيب.
وقد تم تخصيص هذا السجن منذ 20-10 -2011 لاستقبال العسكريين المنشقين والمسلحين من المدنيين الذين رفعوا السلاح في وجه ظلم نظام الأسد.
وتعكس قصة الملازم أول المنشق، معن خضر، رحلة أنين واعتقال دامت عاماً في أقبية صيدنايا المعتمة بداخل “السجن الأحمر” في سوريا قبل أن ينتقل إلى فسحة الحرية في اسطنبول، مجبراً على ارتداء بزته العسكرية بشكل مقلوب، نكاية في إذلاله، وأسيرا لصوت سجان يأذن بساعة الأكل والنوم والدخول إلى الحمام.
وفي يوميات معن خضر بالجسن: وحينما تدق الساعة الخامسة صباحاً يصدح صوت السجان عالياً، في سجن صيدنايا الشهير، والذي يعج بثمانية آلاف سجين. وهنا يفتح الملازم أول معن خضر ليواجه اللحظات الأولى من يوم جديد مليء بالخوف والترقب، حيث يمضي عقوبة التحريض على الانشقاق والتنسيق مع المنشقين.
يبدأ معن وزملاؤه العشرون الذين يشاركونه الزنزانة الباردة والمعتمة، بالجلوس على الأرضية العارية، مسندين ظهورهم إلى الفراغ، ويفرض قانون السجن أن يلبس السجناء بزاتهم العسكرية مقلوبة، للإمعان في إذلالهم.
ويجلس السجناء على هذه الوضعية ساعات وساعات، حيث يمنع عنهم تغيير وضعية الجلوس والاستناد لشيء ما وكذلك ممنوع الكلام إلا همساً، ولا تسمح إلا حركة واحدة تخص التوجه إلى الحمام.
وبحلول الثامنة صباحاً، موعد أول وآخر وجبة في اليوم، وقبل الأكل هناك طقوس يفرضها السجان عليهم، حيث يجبرون على الانبطاح أرضاً ووجوهم إلى الأرض، ولا يسمح لهم لا بالنظر إليه ولا بالكلام معه، وهو من جهته يسمعهم “ما طاب” له من الكلام السيء. أما الوجبة فهي في الغالب خبز يابس أو يغطيه بعض العفن، وبضع ملاعق من الأرز وبيضة لكل واحد منهم، وأحياناً القليل من اللحم أو الفواكه.
وبعد الوجبة يحين موعد العودة إلى العقوبة السابقة لساعات وساعات، لا ينفع معها سوى التفكير في الحالة التي يوجدون عليها هم وأهلهم خارج السجن يحاربون قوات الأسد.
وفي مسلسل التعذيب بالسجن الأحمر يقول معن خضر، إنه يبدأ بمجرد ارتفاع صوت أحدنا بالحديث مع زميله، وهنا يتم أخذ السجين إلى الحبس الانفرادي لتعذيبه بالكهرباء أو ما يعرف بـ”الدولاب”، وهو تعذيب دوري مرة أو مرتين في الشهر، يقع على السجين ضرب مبرح تظهر آثاره على الظهر ومختلف مناطق الجسم.
ولا تنتهي هذه الدوامة إلا بحلول الساعة التاسعة ليلا، عندما يعلن السجان الدخول للخلود إلى النوم من يوم مليء بالكوابيس في عز النهار.
هي إذن أيام عاشها معن خضر طوال 11 شهرا كغيره من آلاف السجناء هنا في “السجن الأحمر” بصيدنايا.
العربية نت