والدة صحفي مخطوف بسوريا: قلبي ينبئني بعودته قريباً
السبت 10 محرم 1434ﻫ 24-11-2012م

بيروت – جيلان الفطايري

“الصمت الذي يلف مصير ابني يقتلني كل يوم”، هكذا وصفت ديبرا تايس والدة الصحفي الأمريكي أوستن تايس حالتها النفسية، بعد أن فقدت الاتصال مع ابنها منذ 13 أغسطس الماضي أثناء تواجده في ريف دمشق. ومنذ ذلك الحين تعمل ديبرا وزوجها مارك على كشف مصيره. من وراء لفحة الحزن التي لفت وجهها، أبت ديبرا إلا أن تكشف أن قلبها ينبئها بعودته قريباً.

لم تشأ العائلة المتعطشة لسماع أي خبر عن مصير ابنها، متابعة قضية اختفائه عن بعد، لذلك توجهت من الولايات المتحدة إلى لبنان للمطالبة بمعلومات عنه في هذا البلد المجاور ولتفعيل هذه القضية كي لا تنسى، كما أعرب الوالد في اتصال مع “العربية.نت”. وكشف أن أي جهة لم تتصل به من أجل طلب فدية أو للتبليغ عن مكان احتجازه.

وكان أوستن ابن الواحد و الثلاثين عاماً دخل سوريا عبر تركيا في مايو 2012 و انتقل إلى ضواحي دمشق في داريا بالتحديد أواخر شهر تموز. وقد جمعته بالجيش الحر علاقة وثيقة. عمل تايس من الداخل السوري لصالح العديد من المؤسسات الصحافية والإعلامية منها “السي بي سي” و”واشنطن بوست” و”الوكالة الفرنسية” وغيرها. 

لكن الغموض لا يزال حتى اللحظة سيد الموقف منذ أن انتشر في سبتمبر/أيلول الماضي شريط فيديو غير واضح على “يوتيوب”، يظهر أوستن معصوب العينين يقوده رجال ملثمون في منطقة صخرية وعرة. إلا أن والدي الشاب كشفا أنهما يعتقدان أنه مازال داخل سوريا، وهو الذي لم يسعفه الحظ بلقاء أصدقائه في بيروت في 20 أغسطس كما كان مخططاً له.

حلم عودته قبل عيد الميلاد

الصحافي الأمريكي اوستن تايس
الصحافي الأمريكي اوستن تايس

اختفاء أوستن الابن البكر لديبرا ومارك جعلهما يعيشان حالة من الارتباك والتوتر رغم السكينة والهدوء التي كانت واضحة في نبرة صوتهما. لكنهما في نفس الوقت، أعربا عن تفاؤلها خلال حديثهما لـ”العربية.نت”. 

قلب ديبرا الذي ينفطر على مصير ابنها ينبئها بعودته قريبا، وتضيف أنها تحلم بعودته قبل حلول عيد الميلاد ليتشارك مع عائلته معنى العيد. هي تريده أن يجتمع بإخوته الستة من جديد حول مائدة واحدة. 

فهي تتذكره في كل ما تقوم به. هو الذي كان دائما من يبادر ويسأل ويطمئن على صحة وأحوال عائلته رغم تواجده في مكان الخطر، تردف ديبرا، ففي رسائلهم الإلكترونية اليومية التي كانوا يتبادلونها مع اوستن، كان الأخير لا يتوانى عن السؤال عن كل فرد في أسرته وعن الطرائف التي يقوم بها أبناء إخوته. 

تقول ديبرا عبر اتصال مع “العربية.نت” إن أوستن يتماهى مع أهل هذه المنطقة الشرق أوسطية. الدفء في العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية المتينة التي تسود بين الأهالي تدهشه وتلهمه، لذلك أحب هذه المنطقة، ما دفعه للمجازفة في القدوم إليها. 

وبغصة قلب الأم المكسور، تتمتم: “لا يستحق أوستن أي أذى”.
وتصف الوالدة شغفه لمهنة الصحافة باللا محدود، فهو “متعطش للحقيقة ولنقلها للقراء” بحسب قولها. منذ ادلاع الأحداث في سوريا، كان دائما يقول إنه يريد أن ينقل وجهة نظر هذا الشعب.

الكلمات الأخيرة قبل اختفائه

قبل اختفائه بقليل، طلب من الناس على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن يكفوا عن الاطمئنان عليه، فبحسب اوستن تواجده في سوريا هو أفضل ما قام به في حياته و أفضل شعور عاشه على الإطلاق.

كما عبر عن تضامنه مع الشعب السوري مرددا التالي: “كل فرد هنا يصحو وينام وهو يعلم أن الموت سيغيبه في أي لحظة، لكنهم يقبلون بهذه الحقيقة كثمن لحريتهم. هؤلاء يدركون معنى المبادئ التي يناضلون من أجلها، بدل الرضوخ والاستسلام واللجوء إلى محاميهم لتقديم دعوى. بالتأكيد أن معظم هؤلاء لا يعلمون ما الذي يقومون به عند قدومهم الى المعركة وهم أيضا لا يعملون وفق خطة محددة، كما يمكن أن ننتقد أداءهم. لكن في الواقع لا يهمني كثيراً الأمر. المهم أنهم أحياء وقدرتهم على العيش تفوق قدرة أي أمريكي يحيا اليوم. هم يعيشون بشغف وحلم أكبر مع طموح أكبر لأنهم فقط لا يهابون الموت”. 

رغم التأثر الواضح في نبرة صوت الزوجان، بقيا متماسكان وحرصا على عدم تحميل أي جهة مسؤولية اختطاف ابنهما سواء كانت السلطات السورية أو المجموعات المسلحة أو حتى العصابات التي تخطف من أجل طلب فدية.

رسالة حب إلى الولد

والدة أوستن الذي مضى على اختفائه أشهر وجهت كلمة مباشرة الى خاطفيه وإليه، علهم يستمعون وقالت: “أحبك كثيراً وأصلّي من أجلك كل يوم وسنقوم بكل ما بوسعنا من أجل أن تعود إلينا”.

أما الوالد مارك فطلب من محتجِز أوستن أياً كانت هويته، أن يعامله معاملة طيبة ويحافظ على سلامته ويعيده في أقرب وقت”. متمنياً على أي شخص يعرف معلومات عن ابنه التواصل مع العائلة عبر البريد الإلكتروني.