وفي المهرجان الذي بدء بالسلام الجمهوري ثم آي من الذكر الحكيم، استمعت الجماهير المحتشدة الى الرسالة الموجهة من الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية إلى الشباب بعنوان” رسالة موجهة من القلب إلى أبنائي الشباب” .
وقد هنأ الأخ رئيس الجمهورية الشباب بمناسبة الذكرى الثانية ليوم 11 فبراير الذي انطلقت فيه مسيرة التغيير الوطني الكبرى لتيقظ في نفوس أبناء شعبنا روح الثورة اليمنية (26سبتمبر و14أكتوبر) بقيمها وأهدافها الخالدة التي ظلوا يسعون لتحقيقها طوال خمسين عاما دون أن تساعدهم الظروف والعوامل المختلفة داخلية كانت أم خارجية.
وخاطب الأخ رئيس الجمهورية أبنائه الشباب قائلا:” وإذ أخصكم أبنائي وبناتي الشباب بالتهنئة في مثل هذا اليوم فلأنكم أكثر من نصف الحاضر وكل المستقبل، ولأنكم أنتم من ينبغي أن يحصد ثمار العملية السياسية القائمة اليوم في تحقيق الآمال والطموحات التي خرجتم من أجلها تطالبون بالتغيير ونزلتم الساحات في معظم مدن الجمهورية لتعبروا عن إرادتكم بصورة سلمية حضارية ولتكشفوا بتضحياتكم الغالية حجم الاختلالات الهائل الذي كنا نعيشه وعمق الأزمة الشاملة التي كان شعبنا يعاني منها، فالأمراض لا تنكشف إلا بمواجهتها بجرأة وشجاعة، ثم تشخيصها ليتم تحديد مستوى مخاطرها ومن ثم طريقة ونوع علاجها”.
وأضاف:” لقد مرت بلادنا خلال العامين الماضيين بواحدة من أخطر أزماتها المعاصرة إن لم تكن أخطرها على الإطلاق، فبسبب الأزمات المتلاحقة منذ عام 2004م أخذت ملامح التغيير وانتقال السلطة تتبلور وتطفو إلى السطح شيئا فشيئا، وبسبب حالة الانسداد السياسي التي برزت بشكل واضح غير قابل لأي التباس خلال عام 2010م اتجهت البلاد إلى لحظة الغليان”.
وتابع الأخ الرئيس قائلا:” ولهذا ما أن هبت رياح الربيع العربي ووصلت آثارها إلينا حتى بدت في الأفق آمال التغيير لديكم يا شبابنا الأبرار فانطلقتم بصدق وتجرد وتلقائية إلى الساحات والميادين لتكتبوا ملامح مستقبل اليمن الجديد ولتطلقوا إلى غير رجعة عجلة التغيير الشامل إلى الأمام”.
واستطرد الأخ رئيس الجمهورية قائلا:” وكما أنه من الصحيح القول أن الشرعية الثورية ما كان لها أن تحقق أهدافها في التغيير الجذري إلا بتضحيات بالغة ودماء غزيرة وحرب طاحنة جنبنا الله إياها جميعا بفضله ورحمته، فإن من الصحيح كذلك القول بأن الشرعية الدستورية لم تستطع الصمود أمام إرادة التغيير العارمة نتيجة للتدمير الذاتي الذي عرضت نفسها له طوال السنوات الماضية بسبب طغيان المشاريع الخاصة والصغيرة على المشروع الوطني العظيم فنالها الكثير من التشوهات واهتزت مشروعيتها مما جعل الطرفين يتقبلان فكرة التغيير عبر التوافق تجنبا للمزيد من الدمار”.
ومضى قائلا:” وهكذا كانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المخرج المشرف واللائق لطرفي الشرعيتين الثورية والدستورية، باعتبار المبادرة وآليتها رسمتا خارطة طريق لإنجاز التغيير الذي خرجتم يا شبابنا من أجله، وجنبت بلادنا في الوقت ذاته صراعا داميا كان سيحول هذا الوطن اليمني العظيم إلى مجرد أشلاء ممزقة ودمار هائل لا حدود له”.
وأكد الأخ رئيس الجمهورية أن القادم سيكون أفضل رغم كل الصعوبات والتعقيدات.. مجددا التأكيد في ذات الوقت بأن الدولة ستعمل بإصرار على استيعاب الشباب وإشراكهم في صناعة القرار وتقديم كافة التسهيلات للمشاريع والمؤسسات الشبابية .
وقال الأخ الرئيس :” كما أن الدولة ستعمل على رعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى والمضي في إنجاز التغيير الذي قطعنا في طريقه خطوات طيبة بفضل الله تعالى وبفضل أرواحكم المتقدة وتضحياتكم النبيلة”.
وأختتم الأخ رئيس الجمهورية كلمته الموجهة من القلب إلى أبنائه الشباب قائلا:” لقد كانت هذه الخطوات حتى عام واحد فقط مضى مجرد أحلام يائسة وآمال مستحيلة التحقق، وها نحن جميعا وسويا أنجزنا الانتقال السلمي للسلطة وأعدنا سائر الخدمات، وطبعنا الحياة العامة، ونجحنا في كسب تعاطف العالم معنا واحترامه لنا، وانتهينا من هيكلة مؤسستي القوات المسلحة والأمن، وشارفنا على عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سيرسم شكل اليمن الحديث وينجز الدستور الجديد باعتباره الطريق إلى وطن تسوده قيم الحرية والعدالة والمساواة لا غالب فيه ولا مغلوب ولا ظالم ولا مظلوم، وطن موحد متحرر من النزعات الضيقة والمشاريع الصغيرة ومخلفات عقود الصراع التي لا ناقة لجيلكم فيها ولا جمل، وطن تقيمون فيه يا شبابنا الأعزاء دولة النظام والقانون والمؤسسات والحكم الرشيد السوي المرتكز على قيم ومقاصد شريعتنا الإسلامية الغراء ومكارم الأخلاق ومستجدات العصر وتجاربه الناضجة وآلياته المتقدمة لنصل معا وسويا برعاية من الله تعالى إلى شاطئ الأمن والاستقرار والوحدة والرخاء والتقدم والازدهار والديمقراطية وسيادة القانون”.
وألقت في المهرجان كلمة عن أسر الشهداء والجرحى القتها فكرية الأصبحي حيت في مستهلها الجماهير المحتشدة.
وقالت فيها :” نقف إجلالاً لإحياء الذكرى الثانية لانطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية هذا اليوم الاستثنائي في تاريخ اليمن واليمنيين، يوم الـ 11 من فبراير يوم نصب شبابنا الثوار خيامهم معلنين ثورتهم السلمية “.
وأضافت :” أدرك شباب الثورة أن الخيار السلمي هو الأمثل لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الوطن إلى مواطنيه الحقيقيين، وطن بحجم الأحلام والآمال يرسمها أبناؤه في مخيلتهم، وطن يتيح للجميع الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية، مدركين جيداً حجم الفاتورة التي سيدفعونها لاستعادة اليمن أرضاً وإنساناَ”.
وأكدت الأصبحي، أن شباب الثورة هم من جعل العالم ينظر لليمن بصورة مغايرة لما كانت عليه في السابق ولأول مرة تحصل اليمن على شهائد عالمية تجسيداَ لعظمة الثورة السلمية.
وقالت :” أدرك العالم مدى عظمة هذه الثورة وشبابها الذين تساموا فوق المصالح والمطامع وفوق الجراح ولم يقصوا أحداَ ويستأثروا بالسلطة أو يطالبوا بالمشاركة، فلم يخرجوا لسلطة ولكن من اجل وطن”.
وتابعت :” ها نحن اليوم نمضي للحوار الوطني الذي دعا إليه الثوار في بدايات الثورة كون الحوار أولوية لبناء الوطن ولابد من تظافر كافة شرائح الوطن لبناء اليمن الجديد حلم الشهيد والجريح “.. لافتة إلى أن اختيار الـ 18 من مارس بدء للحوار الوطني لابد أن يكون تذكيراً بجمعة الكرامة الدامية التي كانت الفيصل في مسار الثورة .
وطالبت الأصبحي، الشباب بالثبات على مبادئهم والحفاظ على الثورة وفاء للشهداء الأبرار .. مخاطبة الجميع بالقول :” اليمن أمانة في أعناقكم فلا تدعوا من يحاول زرع الفتن بينكم، وتقزيم مشروعكم الوطني الكبير، فاليمن أكبر من الجميع ومن أجلها تهون كل التضحيات، وتتقزم كل المشاريع “.
و قدم نجوم الإنشاد اليمني وفرقة الفراشة الفنية خلال المهرجان أوبريت فني، تغنوا فيه بالإرادة الشعبية الكبيرة والمتطلعة نحو تصحيح مسار بناء اليمن الجديد والتي عسكها يوم انطلاق ثورة الـ 11 من فبراير .. لافتين إلى أن هذا التاريخ شكل منعطفاً مهما في تاريخ اليمن نحو بلوغ واستكمال آفاق التغيير المنشود.
وشهد المهرجان عرضاً كرنفالياً مهيباً، ضم مجموعات شبابية يتقدمهم شباب بصدور عارية في لوحة تعبيرية بديعة جسدت تضحيات الشباب في سبيل رفعة وتقدم وطنهم الغالي و تحقيق اهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية ورسم طريقاً سلمياً أذهل العالم رغم امتلاك اليمنيين لملايين القطع من السلاح.
كما شارك في العرض فتيات يحملن الورود في إشارة إلى ثورة الورود، وكذا أسر الجرحى والمعتقلين، وأسر الشهداء الذين حملوا لافتات تؤكد أن أبناءهم ودمائهم رخيصة في سبيل رفعة وعزة الوطن ومجده وسؤدده، إلى جانب مشاركة مجموعة من الأكاديميين والمهندسين والإعلاميين والباعة المتجولين، وكذا العمال والفلاحين، وموظفين من القطاع العام والخاص تعبيرا عن تلاحم كل فئات الشعب من اجل تحقيق اهداف التغيير وبناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة.
وردد المشاركون في المهرجان هتافات أكدوا من خلالها عزمهم على المضي قدماً في استكمال تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة والانتصار لدماء الشهداء الذين وهبوا أرواحهم رخيصة في سبيل رفعة الوطن وبنائه وتنميته، والطموح بالانطلاقة الجديدة نحو آفاق رحبة باتجاه بناء اليمن الجديد .
كما أكدوا ضرورة إعادة الاعتبار للشهداء والجرحى ورعايتهم وأسرهم كواجب وطني على الدولة والمجتمع وتشكيل هيئة وطنية مستقلة لرعاية اسر الشهداء والجرحى وإعادة صياغة مشروع قانون العدالة الانتقالية بما يكفل كشف الحقيقة وجبر الضرر .
وحمل الشباب والجماهير المحتشدة في المهرجان لافتات أكدت ضرورة اتخاذ إجراءات جادة وواضحة للتهيئة للحوار الوطني والتطبيق الفعلي للقرارات الرئاسية بشأن إعادة هيكلة الجيش.. مطالبين بضرورة اعتبار يوم 11فبراير عيدا وطنيا لما مثله من نقطة فاصلة في تاريخ الشعب اليمني، وجعله إجازة رسمية لتخليد هذا اليوم التاريخي في حياة شعبنا اليمني.
هذا وقد صدر عن اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية بيان بمناسبة الذكرى الثانية للثورة الشبابية الشعبية تلاه عضو اللجنة التنظيمية مانع المطري, استعرضت فيه التضحيات التي قدمها الشباب في سبيل انجاح الثورة وتحقيق الاهداف المنشودة للتغيير و الحرية والعزة والكرامة.. معتبرة هذا المهرجان احتفاء بانتصار الثورة وطي صفحة الماضي، واستعادة روح ثورتي سبتمبر وأكتوبر حفاظاً على الجمهورية، وبما يفتح الأفق نحو التحول الديمقراطي لبناء الدولة المدنية دولة المواطنة المتساوية وحكم القانون.
وقالت اللجنة التنظيمية:” إن ثورة الـ 11 من فبراير بأهدافها النبيلة المعبرة عن المشروع الوطني الجامع، جسدت القناعة الشعبية أن هذا الوطن لا يمكن اختزاله في مشاريع فردية أو عائلية أو جهوية، وأن هذا الشعب الأبي لن يقبل أي نظام حكم لايحترم الإرادة الشعبية التي يستمد شرعيته منها”.
وأردفت قائلة :” أمام الإنتصارات الكبيرة التي حققتها الثورة فما تزال أمامنا العديد من التحديات التي نثق بقدرة شعبنا على تجاوزها، وفي مقدمة هذه التحديات وضع البلد الأمني “.. منبهة من خطورة محاولة بعض القوى لجعل الساحة اليمنية ساحة لصراعات إقليمية تضر بالمصالح الوطنية العليا.
وشددت في هذا الصدد على ضرورة جعل توحيد أدوات السيادة الوطنية أولوية قصوى وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية لتتمكن من حماية أمن الوطن من أي اختراق خارجي، لافتا في هذا الشان أن إلى ضرورة التسريع بتنفيذ قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بتوحيد الجيش واستكمال ما تبقى منها وبما يجعل هذه المؤسسة قادرة على مواجهة التحديات الماثلة أمامها.
واعتبرت اللجنة التنظيمية في البيان إن تحديد يوم الـ 18 مارس موعداً لتدشين الحوار الوطني بما يمثله هذا اليوم من نقطة فارقة في تاريخ الثورة، يعكش الاعتراف بأن شهداء الثورة هم من صنعوا التحول التاريخي الذي نعيشه اليوم، مؤكدة على اهمية ان تحرص كافة القوى السياسية والمكونات الثورية على أن يترجم مؤتمر الحوار الوطني الأهداف النبيلة التي ضحى من أجلها شهداء جمعة الكرامة وكافة شهداء ثورة فبراير المجيدة.
طالب البيان باعتبار يوم الـ 11 من فبراير يوماً وطنياً يحتفل فيه اليمنيون كل عام و تشكيل هيئة وطنية لرعاية أسر لشهداء وتوفير الحياة الكريمة لهم واستكمال علاج جرحى الثورة كحق وطني وفق معايير طبية، وبما يليق بمكانتهم وعظيم تضحياتهم.
وحذر البيان من أن بقاء السلاح بيد المليشيات والجماعات المسلحة يعيق بناء الدولة ويهدد الإستقرار والوحدة الوطنية.
الجدير ذكره أن عدد من المحافظات شهدت فعاليات جماهيرية حاشدة لاحياء الذكرى الثانية لانطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية والتأكيد على أهمية المضي في تحقيق أهداف الثورة وإنجاز التغيير المنشود والسير قدماً في ترجمة الاهداف الوطنية المنشودة لبناء الدولة المدنية الحديثة .
سبأ