يفيض الشعور بالقهر مما يقترف «الحوافيش» من جرائم بحق المواطنين، وبعد جارتها عدن، ذهبت تعز الى الحرب، ولن يعود المقهورين قبل استعادة كرامة مدينتهم، والآن لن يكترث أحدهم بهوس، ودوافع تجار الحروب، فغزيرة الدفاع عن الوجود سيدة المشهد. لقد أندلعت الحرب غرب وشمال مدينة تعز بين قوات اللواء 35 مدرع – الموالي للشرعية -، والمسنود بـ«مقاومة شعبية» في طور التشكل، ومليشيات جماعة الحوثي المدعومة من قبل قوات (الأمن مركزي، الحرس جمهوري) الموالية لصالح. لا تفسير لإصرار تحالف «الحوافيش» على تفجير الحرب ضد تعز رغم كل التحذيرات والمخاوف من تبعات الإقتتال،
وتؤكد المؤشرات الميدانية فيها النهاية المخزية لغرور عصابة الأمر الواقع في مدينة غالبية أبنائها ضد الإنقلاب، وانعدام حاض شعبي للمليشيات. كان شباب الحالمة يعبروا عن رفضهم للإنقلاب في تظاهرات سلمية، ولم يتوقع أحدهم الذهاب الى الحرب، لكن تحالف الموت، واندفاعهم خلف وهم السيطرة على المحافظة، غير قناعات كثيرة، ويمجد الآن اغلب دعاة السلم للدفاع عن النفس. ترجمة لرؤيتهم المستهترة بسلمية مدينة يقطنها اكثر من مليون انسان، ونصف مليون آخرين شردتهم حروب «الحوافيش» في مدن جنوب وشمال البلاد،
أوقدوا نار الحرب بإطلاق رصاص بنادقهم على أرواح المتظاهرين العزل، وبلا اكتراث بالمصير المحتوم. من صباح اليوم التالي لإجتياحهم المدينة بلباس مركزي «صالح»، صوبت المليشيات نيران بنادقها على شباب تعز، وأسفرت أولى مجازرهم عن استشهاد عشرة محتجين، وجرح المئات، وتوالت جرائمهم بحق المتظاهرين. لم ينجر ابناء تعز خلف خيارات القوة للدفاع عن النفس، وحرص شباب المحافظة على إستمرار التظاهر السلمي ضد وجود المليشيا، وطالبوا برحيلها من مدينتهم بدون قتال، ونددوا بحروبها ضد ابناء المحافظات الجنوبية، ولم يكترث أحد بنهاية السلم . لقد بحت أصوات المطالبين برحيل المليشيات، ومخاطر الإقتتال في شوارع مدينة تعز، والأنكى من ذلك لعبت السلطة المحلية،ولجنتها الأمنية دور المشرعن لتحركات مقاتلي جماعة الحوثي، وها هي اليوم تتفرج من بعيد ذهاب المحافظة الى الحرب .
عقب التحصن داخل المعسكرات الموالية للرئيس السابق علي صالح ، دفعت غارات عاصفة التحالف العربي بمن تبقى من المليشيات في الثكنات للإنتشار في احياء شرق مدينة تعز، وفي الايام الماضية، بدأت محاولة الإنتشار غرب وشمال المدينة . خلال أيام وليال تغلغل المليشيات في احياء جنوب وشرق مدينة تعز، وتمترسهم في المساكن، والتلال، وبيوت بعض قيادات حزب المؤتمر، انشغلت السلطة المحلية بتخدير ابناء تعز بالتطمينات والتعميميات الأمنية حتى صباح أمس الأربعاء . لقد أدرك الناس وأقتنعوا بزيف تطمينات سلطة شوقي وتعميمات أمنية الشعيبي، والآن تعيش مدينة تعز تحت وطأة الاحتمالات الكارثية بعدما دشن «الحوافيش» حربهم الإنتقامية بلا شعور بمخاطرها على السلم الأهلي والمجتمعي .
وكلنا يدرك، ويعيش حقيقة الحرب، ففي أي مكان تندلع الحرب الأنتقامية، يخفت صوت السلم، وتدوى القذائف، وتلعلع الرصاص، وتتناثر الأشلاء، وتتصاعد الأدخنة، وتتفاقم الأزمات الحياتية . في لحظات جنون حربهم الإنتقامية، بات الإنخراط في صفوف المقاومة الشعبية المسلحة المناهضة للإنقلاب بطولة في نظر أغلب ابناء تعز، ومن الصعب على تحالف «الحوافيش» مواجهة محافظة ستقاتل بشراسة المقهور، والأخطر صب زيت الطائفية على المعركة . بحكم معرفتي بمفارقات اداء السلطة المحلية، اعتقد بأن الحرب ستلتهم المدينة، وقد تطول فصولها جراء انحياز قيادات مؤتمرية للمليشيات،وهذا يدفع الآلاف للإنخراط في صفوف المقاومة الشعبية، ولا يحسب المحافظ، وقيادات حزبه مخاطر الذهاب الى المجهول .