ما الذي يحدث في مصر؟ (مجيب الحميدي)
الأثنين 2 شوال 1433ﻫ 20-8-2012م

مواقف

من الواضح أن الأحزاب العلمانية المصرية تتفق مع الأحزاب الإسلامية في ضرورة تحرير القضاء المصري من تسييس بقايا النظام السابق، ولكن الخلاف يكمن في توجس العلمانيين من إمكانية سيطرة الإسلاميين على القضاء ولكن التعبير عن هذه الحالة من الارتياب يتخذ مسالك احتجاجية متلبسة بمشاعر الحنين إلى الماضي الديكتاتوري والرغبة في الاقصاء من خلال الاستقواء بالانقلابات العسكرية والمؤامرات الخارجية.

  والمطلوب بعد تعقيدات المشهد المصري الحالية، و بعد تشكيل العلمانيين لتحالفهم الجديد تحت مسمى جبهة إنقاذ الثورة، أن تعبر الجبهة عن مطالبها بلغة واضحة وأن تقدم رؤيتها لتحرير القضاء وتعزيز استقلاليته، بعيداً عن تسييس الواقع من قبل بقايا النظام السابق، أو التسيس المتوقع من الإسلاميين.

 وبتقديم هذا التصور تثبت جبهة إنقاذ الثورة ولاءها للثورة وابتعادها عن الانتهازية السياسية التي قد تدفعها إلى العمل في منظومة الثورة المضادة باسم حماية الثورة. 

وعلى الإسلاميين أن يدركوا أن مصر بلد الجميع، وأن الاستقواء بالأغلبية في مرحلة بناء الدولة خطأ فادح قد يقوض بنيان الدولة.

 وفي جميع الأحوال، فإن محاولات الإسلاميين والليبراليين في مصر احتكار تمثيل الثورة من موروث الشمولية البغيضة، وزواج بعض القوى الثورية مع الفلول زواج مؤقت أتوقع أن تتجاوزه مصر في بيان تفسيري يوضح صلاحيات الرئيس ويحافظ على الجوهر الثوري في الإعلان الدستوري.

 

هذا ما أتوقع حدوثه، نظراً لاتساقه مع حركة التغيير التاريخية التي تتحرك في الغالب نحو ما ينفع الناس وأما زبد المزايدات فيذهب جفاءً.

 وفي حالة تصاعد الانقسام قد يتكرر السيناريو التركي بعد فوز اردغان لأول مرة، حين خرج الخاسرون في الانتخابات إلى الشارع، فأعاد أردغان الأمر إلى الشعب وفاز بنسبة أعلى من الأولى. ولو تصاعد الانقسام في مصر يستطيع مرسي أن يعلن إعلاناً دستورياً جديداً يعلن فيه استقالته ويدعو إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة مع انتخاب اللجنة التأسيسية للدستور وبهذه الطريقة تلجم أفواه الانتهازيين والفلوليين وتنتصر الحرية والديمقراطية.

 حالياً هناك طريقان لتجاوز الخلاف، إما بصدور بيان دستوري يوضح صلاحيات الرئيس أو إعلان دستوري جديد لانتخاب رئيس جمهورية ومجلس الشعب واللجنة التأسيسية للدستور، ولا أتوقع تراجع الرئيس المصري عن الإعلان بكليته بعد أن تكشفت معالم المؤامرة التي كانت تهدف إلى الانقلاب عليه بواسطة القضاء المسيس، وقد تكشفت هذه المؤامرة بصورة أكثر وضوحاً في اجتماع نادي القضاة بحضور النائب العام المقال الذي كشف عن مؤامرته لإسقاط النظام بالتواصل مع شفيق ودافع عن النظام السابق وكشف حقده البالغ على الإسلاميين وتكفيره للإخوان والسلفيين وممارسته للتحريض السياسي مع تعالي هتافات الحاضرين بإسقاط النظام، فهل هؤلاء قضاة مستقلون؟ أم ضباط استخبارات ومجموعة لصوص يحاولون التستر على المجرميين والقتلة؟. ومع تلويح النائب المقال بالمطالبة بمحاكمة مرسي، لأنه هرب من سجون مبارك تكشفت المؤامرة ولم تعد مجرد تسريبات وعلى القوى الثورية سرعة تحديد موقفها من قرارات حماية الثورة مع حقهم في إبداء تحفظهم على صلاحيات الرئيس بعد أن تحول نادي القضاة إلى وكر سياسي للنظام السابق للانقضاض على الثورة.

* صحيفة الجمهورية اليمنية