ذهبت السلطة من يدي الرئيس عبدربه منصور هادي بفعل أخطائه وبفعل تحالف المؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثيين، ولكنها لن تذهب إلى يد الحوثي، كما لن تعود إلى قبضة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح. وفي المقابل لا يعني ذلك إقصاءهما بل يعني أن اليمن مقدم على فترة توازن أهون بكثير من أيام الرئيس هادي.
لقد كان هادي في أيامه الأخيرة صِفراً، ولكنه كان صفراً على يمين الحوثي ويسار الشعب، ولن يخسر الشعب شيئا بفقدان الصفر من على يساره. ومع ذلك فإن ما حصدته جماعة الحوثي إلى الآن ليس بالقليل ولم يعد بمقدور طرف إزاحتها، غير أنها ستأخذ من الآن وصاعدا، مكانها الطبيعي وحجمها الطبيعي والمؤكد أنها ستخسر كلما حاولت أن تحصل على أكثر مما تستحق.
أما المؤتمر الشعبي فقد أثبت أنه اللاعب السياسي الأول وبلا منازع، لقد استعصى على كل محاولات التذويب والتفتيت والطمس وانتقم من كل خصومه بأدوات غيره، ليصبح اليوم ممسكاً من جديد بزمام المبادرة وخيارا وسطا بين كافة القوى شمالا وجنوبا.
وبالنسبة للتجمع اليمني للإقصاء، أو الإصلاح كما يطلق على نفسه، فهو لايزال يدفع يوما عن يوم، ثمن مغامراته وتذاكيه ونهجه الإقصائي، وتدفع قاعدته الشعبية ثمن نرجسية بعض قادته وناشطيه، وكسلهم الذهني الشديد. وكما كتبت قبل عامين، فإن الإصلاح ما إن يتقنوا قواعد لعبة ما، حتى تكون اللعبة برمتها قد تغيرت.
مع ذلك فإن منشور محمد عبدالله اليدومي رئيس الهيئة العليا اليوم، يبشر بمستقبل ذهني أقل سوءاً للإصلاحيين، ويشير إلى أن هذا الحزب الكبير، لا يضرّه في هذه الغضون مثل بعض مدلّليه الباحثين عن نجومية زائفة.
ويبقى الجنوب جرحنا المفتوح ووريدنا النازف، ذلك أن قطاعات فيه وقعت ضحية لتعبئة جهوية كرست فيها مظلومية مُقعِدة ومعقّدة في آن، ومطلوب من القوى الوطنية قاطبة أن تتعامل مع هذا الملف بحكمة وحنان وصدق.
باعتقادي أن ثورة 2011 وما تلتها من تطورات، تحمل من الدروس القاسية لكل طرف على حدة، ما يجعله يؤمن بالآخرين ويكفّ عن التهور والانتهازية والارتهان. والشعب هذا عظيم، يراقب جميع القوى، ويزنها بميزانه الخاص وينتظر براحة بال، مصرع أية جماعة تستخفّ به وتتاجر بقوته أو تعبث بهويته.
نشوان نيوز