الجزيرة برس- من ستيفن كالين وأحمد رشيد جنوبي الموصل (العراق) (رويترز) – قالت قوات الحشد الشعبي الشيعية العراقية يوم السبت إنها بدأت هجوما باتجاه غرب الموصل في عملية ستضيق الخناق حول معقل تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد لكنها قد تؤجج التوترات الطائفية في المنطقة ذات الأغلبية السنية.
ومن المتوقع أن تكون الحملة العسكرية من أجل استعادة السيطرة على الموصل أكبر معركة خلال 13 سنة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للعراق.
وقال متحدث باسم الحشد الشعبي إن آلاف المقاتلين بدأوا عملية هذا الصباح لتطهير بؤر الدولة الإسلامية في الأجزاء الغربية من الموصل.
والموصل هي أكبر مدينة يسيطر عليها التنظيم المتشدد وستمثل خسارتها هزيمة فعلية للتنظيم في العراق بعد عامين من إعلان زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي دولة “للخلافة” في مناطق ممتدة بين العراق وسوريا من فوق منبر مسجد بالموصل.
وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي إن قوات الحشد تهدف إلى السيطرة على قرى غربي الموصل والوصول إلى مدينة تلعفر التي تبعد نحو 55 كيلومترا عن المدينة. والهدف هو القضاء على أي خيارات أمام متشددي الدولة الإسلامية للتراجع نحو سوريا أو وصول أي تعزيزات لهم.
وقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران ستضيف المزيد من القوة الضاربة إلى الحملة المستمرة منذ ما يقرب من أسبوعين لاستعادة الموصل ثاني أكبر مدن العراق من التنظيم المتشدد.
وتتقدم قوات الأمن والجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية منذ 12 يوما على الجبهات الجنوبية والشرقية والشمالية الشرقية حول الموصل التي لا يزال يقطنها 1.5 مليون نسمة.
وحذرت الأمم المتحدة من احتمالات وقوع أزمة إنسانية وموجة نزوح من الموصل. وقد يترك بدء العمليات على الجبهة الغربية للمدينة أهلها دون مخرج لبر الأمان حتى إن تمكنوا من الهروب من قبضة الدولة الإسلامية.
وأخبر قرويون من مناطق محيطة بالموصل رويترز بأن التنظيم أجبر نساء وأطفالا على السير معه كدروع بشرية لدى تراجعه إلى داخل المدينة الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر عسكرية عراقية وغربية إن نقاشا دار حول مسألة إغلاق الجبهة الغربية للموصل إذ أن ترك تلك الجبهة مفتوحة كان سيمنح الدولة الإسلامية فرصة للانسحاب والتراجع مما كان سيوفر على السكان معاناة الدمار والاقتتال داخل المدينة حتى النهاية.
وسلك أيضا بعض المدنيين الفارين من الموصل الطرق الواقعة إلى الغرب للوصول إلى مدينة القامشلي التي تخضع لسيطرة الأكراد في شمال سوريا بينما انتهز آخرون من قرى خارج الموصل مباشرة حالة التشوش والارتباك للفرار في الاتجاه الآخر.
وقال أحمد رعد (20 عاما) وهو من قرية أبو جربوعة شمال شرقي الموصل ولجأ إلى قاعدة للبشمركة “بعض الناس هربوا في اليوم التالي لذلك قمنا باستغلال الفرصة. أطلق مقاتلو داعش علينا رصاصتين لكننا لم نصب وتمكنا من الهرب.”
* تقدم بطيء في الجنوب
على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل دخلت قوات التدخل السريع العراقية بلدة الشورى التي كانت يوما قاعدة هامة للدولة الإسلامية حظيت فيها بتأييد قوي.
وقال ضابط مخابرات إن أغلب مقاتلي الدولة الإسلامية تقهقروا شمالا على ما يبدو نحو الموصل ولم يتركوا إلا عددا قليلا من العناصر لمحاولة إبطاء تقدم قوات الأمن.
وقال النقيب عباس شاكر متحدثا من الطرف الغربي للبلدة إن مقاتلي الدولة الإسلامية أقاموا دفاعات إلى الشرق والجنوب وإنهم فوجئوا بدخول قوات الأمن من جهة الغرب فتركوا سلاحهم وفروا.
وأضاف لرويترز إن قوات الأمن سيطرت على وسط بلدة الشورى ورفعت العلم العراقي وقتلت ما بين 50 و60 من مقاتلي الدولة الإسلامية. وقال إن المتشددين الباقين يطلقون النار من الطرف الشرقي للبلدة وإن قوات الأمن ردت بنيران المدفعية والضربات الجوية.
وبعد ما يقرب من أسبوعين من حملة الموصل التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان التقدم في منطقة وادي نهر دجلة جنوبي الموصل أبطأ من التقدم على الجبهة الشرقية التي وصلت فيها قوات البشمركة الكردية ووحدة من القوات الخاصة في الجيش العراقي إلى منطقة تبعد بضعة كيلومترات فقط عن الموصل.
وإعلان الحشد الشعبي بدء مشاركته في الحملة يوم السبت سيضيف المزيد من القوة لمقاتلي التحالف الذي يهدف للتخلص من الدولة الإسلامية في العراق لكنه سيثير في ذات الوقت مخاوف من الدور الذي ستلعبه قوات الحشد الشعبي.
واستهداف مدينة تلعفر التي تخضع حاليا لسيطرة الدولة الإسلامية والقريبة من الحدود مع تركيا ويقطنها عدد كبير من التركمان الذين لهم علاقات تاريخية وثقافية بتركيا سيقلق أنقرة. وتقول قوات الحشد الشعبي إن الكثير من سكان تلعفر التركمان شيعة.
وحذرت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان من احتمال نشوب أعمال عنف طائفية إذا سيطرت قوات الحشد الشعبي على مناطق يشكل فيها السنة أغلبية السكان وهو واقع أغلب المناطق في شمال وغرب العراق.
وقوات الحشد الشعبي التي تشكلت عام 2014 للمساعدة في صد التقدم الكاسح للدولة الإسلامية وقتها تتبع رسميا الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة بزعامة العبادي إلا أن لها صلات قوية بإيران.
وتقول منظمة العفو الدولية إن حملات سابقة شهدت ارتكاب الحشد الشعبي “لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تتضمن جرائم حرب” ضد مدنيين فارين من مناطق سيطرت عليها الدولة الإسلامية.
وفي يوليو تموز قالت الأمم المتحدة إن لديها قائمة تضم أكثر من 640 رجلا وصبيا سنيا قيل إن قوات الحشد الشعبي اختطفتهم في الفلوجة -وهي معقل سابق للمتشددين إلى الغرب من بغداد- وإن حوالي 50 آخرين أعدموا أو عذبوا حتى الموت.
وتقول حكومة العبادي وقوات الحشد الشعبي إنه لم يقع إلا عدد محدود من الانتهاكات وإنه يجري التحقيق فيها وتنفي أن تلك الانتهاكات كانت شائعة أو ممنهجة.