قشرة جديدة في بصلة صالح والحوثي: عبدالملك شمسان
الأربعاء 10 رجب 1436ﻫ 29-4-2015م

 

مستوى جديد قديم من خطاب صالح على ألسن محيطه من الصحفيين والمتحدثين مكتض بعبارات المناطقية والمذهبية، وهكذا هو نظام صالح برمته، بصلة مكسوة بطبقات متطابقة، وكلما قشرت طبقة كشفت عن أخرى لا تختلف عنها في الشكل والطعم والرائحة، ولا تختلف عنها في تركيبتها الجوفاء أيضا.

الديمقراطية والتسامح والتعايش، القاعدة في كثير من تركيبتها وسلوكها، الحوثيون وإن بدوا كيانا مستقلا، السلاح، المناطقية، المذهبية.. كلها قشر في بصلة اسمها نظام صالح الذي يُطلَق عليه إعلاميا “النظام السابق” فيما لا يزال النظام الحاكم عمليا.

 

يكرسون إعلامهم هذه الأيام بخطاب مناطقي ومذهبي، ولدرجة بدا واضحا فيها أنه توجه عام وليس مجرد طرح شخصي من هذا أو ذاك، ويتنافس المحيطون به من الصحفيين والكُتاب في هذا حتى إن أحد “حوثة عفاش” لم يتورع عن تهديد أصحاب تعز بالطرد من صنعاء، وعلى أنه اقتصر على أبناء تعز إلا أن خطابه موجه لجميع من يرفضون صالح من كل المحافظات.. فماذا وراء هذا الخطاب المناطقي والمذهبي المقرف والمقزز؟!

 

عندما يهاجمون تعز بأوصاف المناطقية أو المذهبية لا يقصدون أن تعز مناطقية أو مذهبية فعلا، بل يريدون بهذا أشياء أخرى، وحديثهم عن تعز يشمل الجميع بالطبع..

 

لو كان الرأي العام في تعز منقسما بين مؤيد لصالح ومعارض، أو منقسما بين فكرتي المقاومة المسلحة وغيرها من الأدوات، لكان هذا الانقسام أفضل ما يريده صالح وهو الذي لم يصمد لثلاثة عقود إلا باللعب على وتر الانقسامات في المجتمع، ولنأوا بأنفسهم –بالتالي- عن الخطاب المناطقي والمذهبي حتى لا يضطروا تعز للتوحد مناطقيا ومذهبيا، فتصعب عليهم المهمة، لكنهم يرون تعز كتلة واحدة ولا جدوى من الخطاب الهادف لتقسيم أبنائها، ويعتقدون على هذا الأساس أن رميها بالمناطقية والمذهبية سيوحد لهم شيئا من مجتمع المحافظات الشمالية، وسيحيي لدى أفراد قواتهم ومليشياتهم المناطقية والمذهبية التي يرونها أفضل وسائل يستمد منها هؤلاء المقاتلون الثبات، وتمثل أفضل الوسائل التي تدفعهم للقتال بأعلى درجات الاستبسال والعدوانية..

 

بتعبير آخر: يهاجمون تعز بهذا الخطاب المنااطقي والمذهبي المقرف والمقزز، فيما الحقيقة أن الفكرة دفاعية بحتة، وأنهم فقط بصدد تسوير مناطق في محافظات الشمال بأسوار المناطقية والمذهبية على أمل أن تكون هذه المنطقة هي الحصن، أو ليمنعوا فيها الانجرافات والانشقاقات المتتالية، خاصة وأنهم يعلمون أن الرفض الشعبي لهم في هذه المحافظات ليس أقل من غيرها.

 

أتذكر حين عمد صالح إلى هذا الخطاب في 2011م ثم تفاجأ بأن أبناء المحافظات الشمالية ليسوا أقل رفضا له من أبناء الوسط والمشرق والمغرب والجنوب، فأخرج في صنعاء مظاهرة عبر عنها مانشيت بالأحمر العريض على صدر الصفحة الأولى من صحيفة “الثورة” الرسمية يقول: مديرية صنعاء القديمة تخرج عن بكرة أبيها…!!

 

لقد كان يريد تسوير شيء من المحافظات الشمالية، ثم لم يجد بعد عناء البحث إلا هذه المديرية التي لم تكن في الحقيقة غير جزء من اليمن الذي يطالبه شعبها بالرحيل وأن يتركهم لفرصتهم في العيش والحياة.

 

لم ينجح في 2011م بتسوير مديرية وإغلاقها على نفسه، فيما يريد اليوم أن يسوّر محافظات الشمال برمتها، ولأن محافظات الشمال ليست أقل من غيرها فقرا وحرمانا وتعرضا للظلم فها هو يحاول تسويرها بأحجار المناطقية والمذهبية، معتقدا أن هذه العبارات قادرة على أن تجعل أبناء الشمال يفدونه بأرواحهم وبلادهم واستقرارهم وأجيالهم، وأنه سيطمس بهذه الأفكار كل آمالهم وطموحاتهم، أو سيجعلهم يتجاوزون كل ما لا يزال يفرضه عليهم من أشكال الحرمان والظلم والقهر والجوع والفقر والمرض والعناء والبؤس!!

 

تعز التي تريدون وصمها بالمناطقية والمذهبية لا تخلو مظاهرة فيها من صورة ابن صنعاء “الشهيد الحمدي” الذي يمثل لها ولليمن رمزا لدولة القانون المفقودة..

 

تعز لا تقاتلكم لأسباب مناطقية ولا لدوافع مذهبية، بل تقاتلكم أنتم وحلفاءكم الجدد من الأئمة القدامى دفاعا عن النفس بعد أن أرسلتم لها المليشيات الحوثية وعززتموها بقواتكم بعد أن قمتم بانقلاب مسلح لا ينكره في اليمن ولا في العالم إلا أنتم وجنرالات إيران.

 

تعز تقاتلكم وحلفاءكم الحوثيين لذات الأسباب التي قاتلتكم وتقاتلكم لها كل المحافظات التي فرضتم أو تفرضون عليها الحرب.. تقاتلكم لذات الأسباب التي تفاتلكم لها عدن، ومأرب، وشبوة، والجوف، والضالع، ولحج، والرضمة في إب، ولذات الأسباب التي تقاتلكم من أجلها الحديدة ومحافظة اللواء الأخضر وإن كانت المقاومة فيهما ما تزال محدودة بعد سيطرتكم عليها، وهي ذات الأسباب التي كانت تقاتلكم من أجلها عمران ومحافظة صنعاء ومن قبلها قبائل صعدة وحرف سفيان وما حولها، ولذات الأسباب التي كانت ستقاتلكم من أجلها أمانة العاصمة وذمار وغيرها في سبتمبر الماضي لولا ما حدث يومها مما تعرفونه وأنكم استقويتم عليها ففضلت الصمت حقنا للدماء، وكان قرارها هو الصواب في تلك الظروف وكان عين العقل الذي تفتقرون أنتم إلى مثقال ذرة منه.