الجزيرة برس -متابعات – هل كان اليافعيّ في هجرته غربًا مع اليمنيين الآخرين يبحث عن الجنة الضائعة التي افتقدها بانهيار السد؟ وهل وفرت له الفتوحات الإسلامية جنة أخرى تنتظره بعد الموت، فيكون بذلك قد حصل- عوضًا عن جنتيه الضائعتين في الوطن- على جنّتين دنيوية وأخروية على أرض مصر؟»، هي التساؤلات التي افتتح بها الدكتور سالم عبدالرب السلفي مقالته في مجلة «تواصل».
الأسئلة التي طرحها «سالم» تعود إلى حديثه عن قبيلة «يافع» اليمنية، والتي دخلت مصر خلال فترة الفتوحات الإسلامية، واجتازت نهر النيل، حتى أطلق على المكان الذي مروا خلاله إلى الضفة الأخرى «الجيزة».
يقول «سالم» في مقالته المنشورة عام 2007: «يافع قبيلة يمنية معروفة، لا تزال تحتفظ باسمها إلى اليوم، وهي تسكن المكان نفسه الذي يعرف باسمها منذ مئات السنين: جبل يافع، أرض يافع، بلاد يافع، والنسبة إليها: يافعيّ، ويافع».
تاريخ القبائل اليمنية
ونقل «سالم» من كتاب حمزة علي لقمان، بعنوان «تاريخ القبائل اليمنية»، أن «يافع» تركت اليمن بعد انهيار سد «مأرب»، مشيرًا إلى أن أحد أفرادها، ويُدعى «مبرح بن شهاب اليافعي» كان ضمن الوفد الذي قابل الرسول، وكان سببًا في اعتناق القبيلة للإسلام في وقت مبكر حسبما ذكر.
وروى «سالم» أن قبيلة «يافع» شاركت بقوة في فتح مصر عام 20 هجريًا، مشيرًا إلى أن قائد الجيش حينها كان «مبرح بن شهاب اليافعي»، وتابع: «حلت يافع بعد الفتح مع بقية قبائل اليمن في الجيزة، بعد أن كانت لها مشاركة فعالة في اجتياز نهر النيل، ورَكز علم المسلمين في الضفة الأخرى».
واستشهد «سالم» بكتاب «في جنوب الجزيرة العربية» لصلاح البكري، والذي ذكر عن «يافع»: «الجيزة سميت بهذا الاسم منذ أن اجتازت القبائل اليمنية النيل إليها، وركزها العلم فيها».
القاهرة شوارع وحكايات
بعد اجتياز «يافع» نهر النيل روى حمدي أبو جليل في كتابه «القاهرة شوارع وحكايات »: «مع اعتدال مناخ الجيزة وكثرة خيراتها أصرت القبائل على عدم مغادرتها مخالفة بذلك أوامر عمرو بن العاص، الذي اضطر أمام تمسكهم بالبقاء إلى استشارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب».
وجاء رد عمر بن الخطاب، حسب رواية «أبوجليل»، مخاطبًا عمرو بن العاص: «كيف رضيت أن تفرق عنك أصحابك وتجعل بينك وبينهم بحرًا لا تدري ما يفجؤه، فلعلك لا تقدر غياثهم، فاجمعهم إليك ولا تفرقهم، فإن أبوا عليك وأعجبهم موضعا بالجيزة وأحبوا ما هناك فابن عليهم من فيء المسلمين حصنًا».
وأردف «سالم» أن عمرو بن العاص اندفع لبناء الحصن بناءً على تعليمات عمر بن الخطاب، حينها رفضت «يافع» القرار لأن «سيوفهم هي حصونهم»، وأكمل: «القرعة التي اقترعها عمرو بن العاص لتحديد المكان الذي سيُبنى فيه الحصن قد وقعت على يافع، فبني الحصن في خطتهم سنة 21هـ، وفرغ من بنائه سنة 22هـ، غير أن طائفة من يافع خرجوا من الحصن».
وأوضح «سالم» أن رد فعل اليافعيين لم يكن بجديد عليهم، لأن بيوتهم هي حصونهم وأسوارهم حسبما ذكر، وتابع: «يسمون البيت الذي تجاوز الأدوار الثلاثة حصنًا».
وأشار «سالم» إلى أنه في القرنين الثاني والثالث الهجريين ظهرت جماعة من أهل يافع في مصر واهتموا برواية الحديث، موضحًا أنهم «لم يعد لهم صلة بيافع اليمن إلا الاسم، فهم من مواليد مصر أحفاد الفاتحين من أبناء يافع».