بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بدأت معركة «عاصفة الحزم» لإنقاذ الدولة اليمنية والشعب اليمني من إرهاب ميليشيا الحوثي والعناصر الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي لم يدخر جهدا في تخريب اليمن في الفترة الماضية.
لقد نجحت السعودية في بناء تحالف خليجي عربي إقليمي دولي لإنقاذ اليمن دولة وشعبا، وأحسنت التوقيت وظفرت بالنصر، وهذا التحالف نشأت بوادره الأولى من خلال استنقاذ السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة للدولة المصرية من براثن الأصولية والفوضى التي كانت تقودها جماعة الإخوان المسلمين المتحالفة مع إيران قبل سنتين.
يمكن لمن كان متابعا للأخبار وراصدا للأحداث أن يكتشف المستوى العالي من الدقة والفاعلية والعمل الاستراتيجي سياسيا وعسكريا الذي قامت به السعودية، وكذلك التحضير المتأني وبناء التكامل المطلوب، إنْ على مستوى مشروعية التحرك دوليا وإقليميا وعربيا وخليجيا، وإنْ على مستوى بناء التحالفات الإقليمية المؤثرة، وإنْ على مستوى التحالفات الدولية الناجعة.
السعودية تعلن بهذا الحدث التاريخي أنها دولة قوية وقادرة على حماية مصالحها وبناء التحالفات المطلوبة لإنجاز المهام وتنفيذ الأهداف، وهي ليست وحدها في هذه المعركة بل معها دول الخليج، الإمارات والكويت والبحرين وقطر، ومعها عربيا الأردن ومصر والمغرب والسودان التي تسعى لإثبات عودتها إلى رشدها، وقد أكد مجلس وزراء الخارجية العرب على أن الإجراءات العسكرية في اليمن تستند إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك، كما أنها استفادت من التحالف الذي بنته منذ عقود مع دولة باكستان، وقد عرضت تركيا المساعدة في المعركة، وفوق هذا تأييد دولي من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا.
إن النموذج السعودي الجديد يمنح أملا وحلما للمخلصين في العالم العربي وفي العالم الإسلامي بأنها دولة قوية التأثير في العالم وفي المنطقة وهي قادرة على الوقوف في وجه المشاريع المعادية للعالم العربي في المنطقة وعلى رأسها المشروع الإيراني وذيوله في الدول العربية التي اكتشفنا في اليمن أنها ليست أكثر من نمور من ورق.
هذا النموذج المحكم في كافة تفاصيل المعركة يؤكد أن ثمة استعدادا لمواجهة أي ردة فعل قد تقدم عليها إيران أو تدفع لها أتباعها في الدول العربية التي تحتلها إيران في العراق وسوريا واليمن، ويؤكد أن هناك قدرة عالية على التعامل مع سيناريوهات متعددة تمكن من احتواء وإجهاض أي ردود فعل غير محسوبة العواقب.
هذا النموذج الجديد والتحالف العربي القوي يجب أن يتم تطويره والبناء عليه في التعامل مع ملفات المنطقة الشائكة وفي الدول العربية التي تشهد استقرار الفوضى، وليبيا خير مثال في هذا السياق، حيث لم تزل الحركات الإرهابية تعربد خرابا ودمارا في الدولة الليبية وهي حركات تشبه حركة الحوثي، حيث الإرهاب والميليشيات المسلحة تعبث باستقرار الدولة.
هذا التحالف إن تم تطويره عربيا سيكون مخلب العرب ونابهم الذي يعيد لهم هيبتهم في المنطقة ويحمي مصالحهم ويدافع عن شعوبهم ويرد على أي مغامرات إقليمية تسعى للغض من قدرهم والتدخل في شؤون دولهم الداخلية. أحد أهداف هذه الحرب هو القضاء على الإرهاب المستشري في اليمن وعلى جماعات الإرهاب التي اتخذت من اليمن منطلقا لمحاربة العالم والتخطيط لعمليات الإرهاب في كل مكان، ففي اليمن تنشط ثلاثة تنظيمات إرهابية تهدد السعودية وتهدد العالم بأسره، وهي: تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، اللذان يمثلان الإرهاب السني، وجماعة الحوثي التي تمثل الإرهاب الشيعي.
لم يعارض هذه الحرب العادلة في العالم إلا إيران وحلفاؤها كروسيا أو أتباعها في الدول العربية المحتلة في العراق وسوريا ولبنان، وهي معارضة غير مجدية على كل حال، ذلك أن مشروعية هذه الحرب قد أحكم بناؤها عبر مطالبة رسمية من الرئيس اليمني الذي يمثل الشرعية في اليمن عبد ربه منصور هادي، ومن خلال مطالبات ملحة من الشعب اليمني تمثلت في أحزاب سياسية ومشيخات قبائل وشخصيات عامة ومجموعات مدنية، كما أنها تمثل تهديدا خطيرا على السعودية. وبالتالي، فلها كامل الحق في الدفاع المشروع عن حدودها وأمنها واستقرارها.
الانتصار في هذه الحرب مضمون والسعودية وحلفاؤها من دول الخليج والعرب قادرون على إنهاء الحرب بأقل الخسائر وبأكبر إنجاز، وبعد تطهير اليمن من الإرهاب وعملاء إيران واستعادة الدولة اليمنية سيكون من الواجب إطلاق مشروع تنموي شامل يوقف الدولة اليمنية على قدميها ويعيد للشعب اليمني حقوقه في العيش الكريم والخدمات الكاملة، وهو مشروع يجب أن يكون كبيرا وتشارك فيه كل دول العالم، ويقدم لليمن ما تم تقديمه لمصر في المؤتمر الاقتصادي الأخير.
بعبارة أخرى نحن أمام مشروع يشبه مشروع «مارشال» الذي أطلقته الدول الغربية لإعادة بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فأمن اليمن هو جزء لا يتجزأ من أمن دول الخليج العربي والدول العربية عموما، ومع التأكيد على أن المهمة في اليمن ستكون أصعب من المهمة في مصر إلا أن التوافق الكبير تجاهها سيكون خير معين على إنجاح المطلوب.
ثمة أمر يجب التركيز عليه، وتحديدا في مخاطبة الدول الغربية والعالم، وهو حركات الإرهاب الشيعي في المنطقة التي تديرها إيران. نعم، إيران تدعم الإرهاب السني، ولكن يجب ألا يقتصر التركيز على الإرهاب السني الذي يحاربه العالم أجمع، بل يضاف لذلك الإرهاب الشيعي الذي تمثله الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لإيران كـ«حزب الله» في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن والميليشيات الشيعية التي تعيث فسادا وتخريبا في العراق وسوريا، ويجب على وسائل الإعلام العربية أن تبذل قصارى جهدها في إيصال هذه الفكرة المهمة لوسائل الإعلام الغربية وصانع القرار هناك ورجل الشارع.
هذه الحرب الفاصلة ستعيد ترتيب الخطاب العربي المعاصر سياسيا وثقافيا، فالتيارات اليسارية والقومية وجماعات الإسلام السياسي ستتضح مواقفها إما مع الدول العربية في حربها العادلة وإما مع الأطماع الإيرانية التوسعية في العالم العربي. لن تكون هناك منطقة رمادية يختبئ فيها عملاء إيران، وسيكون على الجميع حساب مواضع أقدامه ومواقفه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الدول العربية.
أخيرا، السعودية وحلفاؤها من دول الخليج والدول العربية يصنعون تاريخا عربيا جديدا، والملك سلمان بن عبد العزيز هو قائد هذا النموذج العربي الجديد، وكل الأمل للشعب اليمني بدولة مستقرة وعيش رغيد.
نقلا عن الشرق الاوسط