صح النوم يا (بن علي)! (الإصلاح نت)
الجمعة 27 ربيع الأول 1434ﻫ 8-2-2013م

 

يبدو أن العميد الصغير قائد ما كان يُعرف بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة، لا يزال يعيش أحلام اليقظة، متوهماً نفسه على رأس هرم القيادة لقوات عسكرية دخلت ضمن قرار إعادة هيكلة الجيش الذي أصدره الرئيس هادي، فما عاد لها من وجود حقيقي كتشكيلات عسكرية، وما عاد لهذا المتفاصح من صفة رسمية تخوله التحدث باسم تلك القوات وكأنها نصيبه الخاص من تركة الوالد! صاحبنا الصغير هذا، عاد لتوه من جولة مكوكية خارجية رتب خلالها الأوضاع المالية لوالده وعائلته، وسوّى حساباتهم السرية بمليارات الدولارات من أموال الشعب المنهوبة في بنوك أوروبا وأمريكا والخليج، ثم جاء ليُلقي علينا دروساً في الوطنية، وحب الوطن والإنتصار للشرعية الدستورية على حد وصفه!!

 

وكان الأحرى به، وقد فاضت وطنيته وساحت بين بنوك العالم، أن يُقنع والده بإعادة ولو جزء يسير من تلك الأموال المسروقة ويعتبرها زكاته على الأقل، بما فيها الخمسين مليون ريال سعودي التي تدفعها المملكة كدعم شهري للخزينة العامة بينما (الوطنيون) من عائلة العميد جعلوها دعماً لأنفسهم في مواجهة الشعب وثورتهم (الإنقلابية).

 

وعوضاً عن إسماعنا دروساً فارغة في الوطنية، كنّا نأمل أن تستفيق ضمائر هؤلاء، فيعيدوا للبلد بعضاً من أموالها المنهوبة، علّها أن تنتعش قليلاً وتستعيد شيئاً من عافيتها، بدلاً من تركها تتسول على أبواب المانحين، لكنه للأسف عاد يعزف ذات النَغَمة والاسطوانة المشروخة عن الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية التي لاكها أبوه من قبل، ومن شابه أباه فما ظلم.

 

وهو في حديثه المكرور عن الشرعية الدستورية إنما يعني بالطبع شرعية أبيه ونظامه السابق، لا شرعية هادي ونظامه الحالي، بدليل إشادته بما أسماه المواقف البطولية لقوات الحرس (سابقاً) في مواجهة من أسماهم بالإرهابيين والخارجين عن القانون، والإنقلابيين الذين خرجوا عن الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية بزعمه. فالرجل لا يزال ينظر- من خلال عقله الباطن- إلى أن ما حدث لم يكن ثورة شعبية تستحق الاحترام، بل إنقلاباً غير شرعي على حكم عائلته، تماماً كما ينظر حلفاؤه من الإماميين إلى ثورة سبتمبر المجيدة، وبالتالي، فلا شرعية لثورة الشعب، من وجهة نظره، وهو بذلك يطلق إشارات صوب الرئيس هادي ويطعن بشرعيته التي عززتها الإنتخابات، وينظر للأمر برمته على أنه مجرد عمل إنقلابي فاقد للمشروعية الدستورية.

 

فثورة الشعب (سبتمبر62 وفبراير2011) هي في نظر هؤلاء، من آل عفاش وآل حميد الدين، خروجاً عن الدين والثوابت الوطنية التي جعلوا من أنفسهم عناوين لها، وظنوا أنها – بحكم الغلبة والزيف وأقدميتهم في الحكم- صارت ماركة مسجلة وحقاً حصرياً لهم. ولو كان العميد الصغير يعي معنى الشرعية التي يتبجح بها لخجل من نفسه وهو يعاود الظهور على الملأ بلا أدنى صفة رسمية أو أية مشروعية دستورية أو قانونية تؤهله مخاطبة قوات الجيش على ذلك النحو.

 

إن قائد الحرس السابق بحاجة لمن يفيقه من غفوته، ويُذكره بأن ثمة ثورة شعبية في اليمن نحّت أبا وأسقطت نظامه وجاءت بنظام جديد، ثورة شعبية نسفت حُلمه في التوريث إلى الأبد، وتذكره كذلك بأنه ما عاد قائداً للحرس، ولا مثل هذه التسمية موجودة في الهيكل التنظيمي للجيش اليمني بعد قرار الهيكلة.

 

وبمقتضى الشرعية الدستورية التي تشدق بها، كان عليه أن يلزم بيته، ويحترم قرارات الرئيس إذا كان يعترف بشرعيته، ولا يعمد إلى استفزاز اليمنيين وثورتهم التي أطاحت بحكم عائلته، ويدع حديث الفداء والتضحية والعطاء جانباً كونه أكبر منه ولا يليق به، وكفانا مزايدة وادعاءات جوفاء بشأن تطوير الأداء ومواصلة مسيرة التحديث، فمشروع الهيكلة كفيل بذلك كله.

 

ولو كنتم، يا حضرة العميد، قمتم بتطوير الأداء كما تزعمون، وفق معايير وطنية صرفة، لما احتجنا أساساً إلى هيكلة الجيش، بل لما احتجنا أصلاً إلى ثورة، ولكنه أدائكم العائلي الأسري الفردي الذي أرداكم.

 

ولا ندري عن أي تطوير وتحديث تتكلمون؟ أهوا التحديث الذي ظل يسرق بلا حياء أو وازع من ضمير 90 مليار ريال سنوي من اعتمادات القوات المسلحة المتضخمة؟ أم هو التحديث الذي طال (52) ألف جندي وهمي في سجلات ما كان يُعرف بقوات الحرس، يا قائد الحرس الذي لم تكن أميناً على حراسة مصالح الحرس والشعب معاً…صح النوم يا أبو الشرعية والوطنية والتحديث والأموال المسروقة المهربة….صح النوم  يا (بن علي…)!!!