الجزيرة برس- أنس الطرابلسي-طرابلس- الأناضول- كشف نشطاء حقوقيون ليبيون عن وجود سجون تابعة لعائلات وكتائب ثورية لا تخضع لرقابة الدولة، وهو ما أكده الناطق باسم النائب العام في ليبيا في تصريح خاص للأناضول معرباً عن تفاؤله بنجاح مساعي وزارة العدل في معالجة هذا الملف قريباً.
وتعاني الحكومة الليبية حسب مصدر مسئول في وزارة العدل- طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام- من معالجة هذا الملف “الذي أحرج المسئولين الليبيين بسبب أصداءه في المجتمع الدولي”.
وأوضح المصدر ذاته أن هناك مشروع خطة تمتد من الشهرين إلى الستة أشهر تفضي لإشراف الوزارة على معظم السجون بليبيا، رافضاً ذكر تفاصيل أخرى عن المشروع.
ناصر الهواري رئيس المرصد الليبي لحقوق الإنسان قال لمراسل الأناضول إن “البعض لا يريد إثارة هذا الملف لخوفهم من أن يضع ليبيا في قائمة العقوبات الدولية”.
من جهتها أوضحت أمينة المغيربي رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالمؤتمر الوطني العام(البرلمان الليبي المؤقت) أن اللجنة “تتابع خطط وزارات الدفاع والداخلية والعدل بشأن دمج الثوار في مؤسسات الدولة والإشراف على السجون التي لديهم”.
ووصفت في تصريح للأناضول عمل اللجنة في هذا السياق بــ”الجاد”، مضيفة أن لجنتها “بصدد دراسة مشروع قانون تلقته من وزارة العدل ليصدر قريبا عن المؤتمر الوطني العام، يجرم الاعتقال والتعذيب دون إذن رسمي من النيابة العامة”.
وأبدى الهواري تفاؤله بهذا القانون “لأنه سيردع من يقوم بالاعتقال والتعذيب، استناداً إلى البند الرابع في قرار المجلس الانتقالي السابق رقم 38، الذي ينص على أنه لا عقاب على ما استلزمته الثورة من إجراءات عسكرية وأمنية حتى انتهاء الفترة الانتقالية”.
وتبقى إشكالية هذا الملف عالقة لدى المهتمين بالشأن الحقوقي والمسئولين في ليبيا، فـ”وزارة العدل لا تمتلك إحصائيات عن أعداد المعتقلين في السجون التي تشرف عليها، فضلاً عنالتي لا تشرف عليها”، حسب قول الناشط الليبي مرعي العوامي لمراسل الأناضول.
وأكدت المغيربي أن “هذه الإحصائيات غير متوفرة لدى لجنة حقوق الإنسان بالمؤتمر، وقد شكلنا لجنة زارت أغلب السجون ووجدت حالات تعذيب واعتقال غير رسمي بالفعل”.
وبخلاف المغيربي قال نشطاء حقوقيون إن لديهم تقديرات بأعداد هذه السجون، من بينهم العوامي، رئيس المنظمة الليبية لتعزيز الحرية والديمقراطيات، الذي قدر أن “مدينة مصراته وحدها لديها عشرات السجون”.
وتابع “لا يمكننا حصر أعداد المعتقلات في ليبيا بسبب اتساع رقعة البلاد ورفض البعض الكشف عما لديه، وقد سجلنا بالفعل حالات لأشخاص أبلغوا عن اعتقالهم في أماكن لا يعرفونها”.
وعلى الصعيد ذاته قال الهواري “منعنا من الدخول لمصراته لمعرفة حال السجون وعددها ونزلاءها بسبب حديثنا عن قضية قتل القذافي وابنه المعتصم بالطريقة البشعة التي حدثت”، مضيفاً “هناك سجون غير رسمية، ليست في يد الكتائب فحسب، بل إن بعض العائلات لديها سجونها الخاصة أيضاً، كما هو الحال في مدينة الزاوية”.
وحاول مراسل الأناضول الاتصال بمسئولين عن بعض السجون، لكنهم رفضوا الإدلاء بأي تصريح في هذا الشأن.
وعن حجم التعذيب وأشكاله في هذه السجون قال العوامي “لدينا تسع حالات مسجلة، قتل ثلاث منها تحت التعذيب، والباقي خطفوا منذ أشهر ولم يعرف عنهم شيء حتى الآن”.
ونوه إلى أن “الكثير من كتائب الثوار تتبع (درع ليبيا)، وهو تشكيل أسسته رئاسة الاركان لجمع كتائب الثوار تحت مظلته، ولكنها لا تعرف ما يدور في أروقة هذه الكتائب، ولا تشرف على سجونها”.
وأردف “بل إن بعضها ككتيبة 17 فبراير في بنغازي رفضت فتح سجونها للنشطاء، وبعض هذه السجون لا يصلح مكانا للاعتقال، كالسجن الذي يحتل مقر شركة الاطارات ببنغازي”.
من جانبه كشف الهواري إن “أغلب حالات التعذيب تتم في أربع مدن، هي مصراته، و زليتن، والزاوية، وطرابلس”، مؤكداً أنه حسب ما لديه من مستندات “7 حالات قتلت تحت التعذيب في مصراته وزليتن فقط”.
وعن أساليب التعذيب في هذه السجون قال الهواري “بعكس ما يشاع فالتعذيب داخل هذه السجون ممنهج ومعتمد لانتزاع الاعترافات، ولو أعيد التحقيق مع الكثير من المعتقلين بإشراف النائب العام سيخرج أغلبهم أبرياء، وقد أفرج النائب العام بالفعل عن حالتين في سجن(عين زاره) بطرابلس تم اعتقالهم لمدة 14 شهرا دون تهمة أو تحقيق”.
واستطرد “التعذيب أيضاً طال جنسيات غير ليبية، فهناك حالات عذبت في سجون إدارة الهجرة غير الشرعية والتي تضم معتقلين بتهمة الدخول إلى الأراضي الليبية بطريق غير قانوني”، مشيراً إلى”حالة مصري مسيحي اعتقلته كتيبة الإسناد ببنغازي شاهدت آثار التعذيب على جسده بنفسي، وقد سلم لمركز الشرطة بعد تهديده بعدم الحديث عن الجهة التي اعتقلته”.
وأكد انه حاول الاتصال بأهالي ضحايا إلا أنهم “رفضوا الإدلاء بأية معلومة خوفا على أنفسهم، حيث طالت تهديدات بالقتل والخطف نشطاء حقوقيون أيضاً، على حد قول الهواري.
بدوره أكد طه بعرة الناطق باسم النائب العام في ليبيا لمراسل الأناضول ما ذكره النشطاء، قائلاً “هناك سجونا سرية في ليبيا بالفعل لا يمكن دخولها، وبالتالي لا يمكن معرفة اعدادها وعدد من فيها”.
ولفت إلى أنه “وردت للنائب العام بلاغات عن حالا تعذيب، عرضت على الطبيب الشرعي ووثقت في محاضر رسمية، وسيتم تقديم الجناة فيها إلى العدالة”.
وأعرب بعرة عن تفاؤله بخطط وزير العدل صلاح المرغني في هذا الملف قائلا “صرح وزير العدل بأن السجون التي في قبضة الثوار ستكون خلال وقت قريب تحت سيطرة وزارته”.