«حركوشي»!!: أيمن باحميد
الأربعاء 17 ربيع الثاني 1434ﻫ 27-2-2013م

 

لم تزعجني هذه الكلمة التي ناداني بها مازحا في شارع الدائري بصنعاء، فلا ضير عندي من أي مفردة ترمي في النهاية إلى الإشارة بأني من أبناء تلك المنطقة التي أهوى من هذا الوطن، فقد كان قيس يستعذب مناداته ب (المجنون) لا لشيء إلا لأنه جنونٌ بليلى التي يعشق !!

لكن ما يقلقني ويؤلمني هي تلك التصرفات اللا مسئولة التي يقوم بها بعض الذي خرجوا عن جادة الصواب من إخواننا الحراكيين وبعض الأذناب لأطراف خاسرة بالاعتداء على كل ما يخالفهم الرأي، وبحثا عن إيجاد ساحة جديدة للفتنة، فمن المخيف أن تسود ثقافة الإقصاء والإلغاء والعدوانية الممقوتة على أي شخص من الشرق أو الغرب، من الشمال أو الجنوب. وكيف لي أن آمن عل مستقبل يقود عجلته أمثال هؤلاء، فنصبح معهم جناة ونحن المجني عليهم بشهادة الجميع .

يرد علي الكثير من الحراكيين بالقول نحن ندين هذه التصرفات ولسنا معنيين بالفوضى، وهذا حسن، لكنه غير كافي فبعتبار أنهم من القوى المؤثرة والتي تحظى بالتفاف شعبي كبير في الجنوب كان عليهم أن يسهموا في الحد من إقلاق السكينة العامة ويأخذوا على يد المذنب وبقوة !

لا أخفيكم بأني والكثير من أبناء الجنوب نتعاطف مع المواطنين (الغلابا) الذين لا ناقة لهم ولا جمل في ما يحدث، فقد شعرت بالذنب وأنا أشاهد مقطع فيديو تم تناقله في العديد من المواقع الالكترونية لمجموعة من المراهقين – العديد منهم بملابس رياضية – في مسقط رأسي سيئون وهو يعتدون على (بقالة للخضار والمواد الغذائية) بطريقة بدائية وبخلفية صوتية سيئة تعلوها الشتائم وكلام بذي يعطي دلالة تامة على الخلفية الأخلاقية لأولئك المخربون، وتحت مبرر أنه (شمالي) !!

سيقول الكثير (لقد عانينا ونهبنا وسُرقنا أكثر منهم!!)، لكن يا أصدقاء الظلم لا يحل الظلم والقتل لا يبرر القتل والحقوق تنتزع، لكن علينا أن لا نخطي هدف الجاني ولندرك أن انتزاعها قد يكون بفرض الاحترام ومزيدا من الحكمة والالتفاف وترتيب الصف الداخلي أولا. 

ثم إن غالبية المواطنين في محافظات الشمال ليسوا معنيين بالانتهاكات السابقة، بل إنهم متعاطفون إلى حد كبير مع القضية العادلة، وللأمانة فهناك أشخاص منهم لم تسعفني حضرموت والجنوب بأمثالهم في الصفاء والإخوة الصادقة ورجاحة العقل، فما هكذا تؤكل الكتف وما هكذا تسترجع الحقوق، بل إن مثل هذه التصرفات الحمقى تضر ولا تنفع وتعود بالسلب فقط، وصدقوني فنحن أحوج ما نكون إلى الوحدة في هذه المرحلة التي بتنا نتصارع فيها على الخبز قبل أن يطحن الطحين !!

سيقول البعض بأني إصلاحي، والبعض الآخر سيقول: خلاص الأخ تدحبش. وهذا كله لا يهم، فلكل شخص حرية الانتماء والولاء، وما دفعني لقول هذا هو رؤيتي لبوادر فتنة لا أرجو أن أكون متشائماً بتوقع نشوبها، فمتى سنبتعد عن هذا الفرز النتن ونعمل بصدق من أجل مصلحة وطن منهك نختلف فيه ونتفق عليه، بعيدا عن الأنانية والبغضاء التي تعمي القلوب، وتلقي بناء في مهب الريح. ارجوا أن يكون قريبا.