لا تزال تعز خارج الصراع المسلح حتى اللحظة ويجب المحافظة على هذا الوضع، فتفجر الصراع فيها معناه ايجاد بؤرة جديدة للقاعدة ومبرر لتواجدها ولمنحها حاضنة شعبية داخل بعض التيارات السياسية التي لا تجد حرج في التماهي مع القاعدة في اللحظات الحرجة واحياناً في اللحظات الاعتيادية.
تعز احتضنت أنصار الله “الحوثيين” مبكراً، ومحافظها شوقي هائل سمح لهم بالمشاركة في كل الفعاليات السياسية والاجتماعية والاحتفالية التي تحضرها الاحزاب، وتعامل معهم كقوة سياسية منذ لحظة تعيينه وتعرض جراء ذلك لهجوم شرس من مطبخ الاخوان وعلي محسن وحميد وقتها، ووصل الأمر الى اتهامه أنه حوثي، واذكر أن ممثل أنصار الله كان يعامل كممثل المشترك أو المؤتمر الشعبي العام في تعز أثناء احياء الفاعليات الرسمية في نفس الوقت الذي كان يتم تجاهل ممثلي أنصار الله في صنعاء وذمار مثلاً –في تلك الفترة قبل دخول صنعاء- مع كثافة الوجود الشعبي لهم في هاتين المدينتين، وهذا يدل أن تعز سباقة في احتضان أنصار الله والقبول بهم كتيار سياسي، ويحسب هذا الأمر للمحافظ ولغيره من رجال الدولة والسياسة في تعز.
كما أن المحافظ ليس متهماً بالفساد ولا من جلاوزة أو جلادي أي نظام سابق، فهو شخص مدني يحظى بشعبية هائلة داخل المحافظة ولا يستمد شرعيته من القرار الجمهوري بتعيينه فقط انما من تمثيله لتعز وابنائها، ومن هنا لا يجوز تجاوز المحافظ في أي اصلاحات مالية أو اقتصادية أو أمنية، فنحن أمام محافظ يحظى بشرعية شعبية قبل الشرعية الرسمية.
ومن خلال متابعتي لتصريحات وأحاديث المحافظ وحواراتي معه عبر التلفون وجدته منصفاُ وموضوعياً، فعندما يقول أن الأمن مسؤولية الدولة وأنه سيعمل على أن تكون تعز خالية من السلاح الغير مرخص أو الغير رسمي وفي نفس الوقت يسعى جاهداً الى توفير الحماية الأمنية للجميع وبالأخص للتيار الذي يستهدف بالاغتيالات فاني أجد كلامه معقولاً ومنطقياً ويجب التعاون معه وايجاد حلول لأي مشكلات ومخاوف لدى أنصار الله في تعز وبالأخص من الناحية الأمنية.
اضافة الى أن المحافظ أعلن استعداده لتلقي أي ملفات فساد موثقة واحالة المتهمين الى النيابة العامة فوراً وفقاً للإجراءات القانونية المتبعة، وهذا سيوفر الوقت والجهد على من يشتغلون بجهود ذاتية وشعبية، والتزام المحافظ ذلك يحمله مسؤولية أي فساد يتم الرفع بملفاته اليه ويهمله.
أدعوا الجميع في تعز بمن فيهم أنصار الله للتعاون مع المحافظ وليس بالضرورة استنساخ ما في صنعاء أو ذمار أو اب ونقله الى تعز، فلكل مكان خصوصيته وظروفه، والظروف متهيئة في تعز أكثر من غيرها لتعزيز مؤسسات الدولة وعمل الاصلاحات اللازمة من خلالها بالتعاون مع المحافظ وأنصار الله وكل التيارات السياسية والمدنية التي تسعى للإصلاح.
ويمكن أن نجعل من تعز نموذجاً يحتذى به في تعزيز مؤسسات الدولة واصلاحها من الداخل ومن ثم تعميم هذا النموذج على بقية المحافظات التي تعيش ازدواجاً في السلطة بين اللجان الشعبية والأجهزة الرسمية.