تصالح اليمنيين وتسامحهم : افتتاحية الخليج
الأربعاء 4 ربيع الأول 1434ﻫ 16-1-2013م

الفعالية التي نظمها الحراك الجنوبي السلمي في مدينة عدن أول أمس، الذي صادف الثالث عشر من شهر يناير/كانون الثاني، خطوة لافتة، بخاصة أنها جاءت تحت عنوان “التصالح والتسامح”، وجاءت لتكريس حقيقة لطالما غابت عن اليمنيين طوال صراعاتهم الماضية، والتي أنتجت كوارث ومآسي لم تتعظ الأنظمة المتعاقبة في الشمال والجنوب قبل الوحدة، ونظام ما بعد الوحدة منها، بل إن الكارثة تكررت في الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد العام 1994 وآثارها في النسيج الاجتماعي الموحد الذي جلبته الوحدة .

 الجميع في اليمن مطالب بإدراك أن الأخطاء التي ارتكبت خلال الفترة التي أعقبت الحرب الأهلية يجب ألا تتكرر مرة ثانية، وعلى القوى السياسية كافة إعادة النظر في كل ما تقوم به من نشاطات سياسية بهدف مساعدة الرئيس عبدربه منصور هادي في تجاوز اليمن عنق الزجاجة بعيداً عما يتربص به من كوارث ومشاريع تفتيت، تحاول أطراف عدة تغذيتها، إذ في غياب الوحدة يصير اليمن بلداً غير الذي يعرفه الجميع .

 على الجميع استيعاب أن الحل لن يكون إلا في نظام يتعايش فيه الجميع، نظام يتخلص من فكرة “الشمولية” ويرتكز على دولة تكون قادرة على استيعاب اليمنيين كافة، وأن الوقت قد حان ليجلس الجميع إلى طاولة حوار لمناقشة مستقبل اليمن .

 ثمة فرصة لليمنيين كافة لإعادة النظر في مفهوم “التصالح والتسامح”، بحيث لا يقتصر التصالح والتسامح على فئة دون غيرها، بل يشمل الوطن اليمني بأكمله، الذي صار بأمس الحاجة إلى مثل هذه الفضيلة، ولكن بصدق لا من أجل تمرير مشاريع سياسية يعود الجميع بعدها إلى ممارسة هواياتهم في استمرار الصراع والاقتتال اللذين يهددان بتمزيق اليمن .

 الجميع مدعوّ لجعل عنوان “التصالح والتسامح” فرصة لإعادة ترميم الجروح التي تسببت بها السياسات التي اتبعت بعد قيام دولة الوحدة وبعد الحرب الأهلية العام ،1994 فهذه الفرصة ستعيد بناء العلاقات بين اليمنيين على أسس جديدة، ترسي قواعد لنظام جديد يكون قادراً على مواجهة التحديات التي واجهت وتواجه البلاد منذ عقود من الزمن .

 تكريس مبدأ “التصالح والتسامح” يعني الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل بناء الدولة اليمنية الجديدة، وهي دولة يحتاج إليها اليمنيون أكثر من أي وقت مضى، ليتجاوزوا من خلالها الإخفاقات التي مروا بها، وأن تبقى الوحدة سقفاً للجميع .