الجزيرة برس – متابعات – في الوقت الذي يعيش فيه أطفال اليمن في ظل واقع مثخن بالصراعات التي جعلتهم يعيشون مأساة الفقر والقهر والجوع، مع الكفاح والعمل من أجل البقاء على قيد الحياة. ويشكو أطفال اليمن المصنفة من بين أفقر دول العام، من فقدانهم لأدنى مقومات الحقوق، وهو ما يجعلهم لا يعرفون معنى ليوم عالمي خاص بحقوق الطفل، أو أن للأطفال حقوق كفلتها القوانين والدساتير.
وتشهد اليمن حربا عنيفة، منذ نحو ثلاث سنوات، وتشير تقارير تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسف”، إلى أنه تم التحقق من مقتل 200 طفل يمني منذ بداية العام الحالي، حتى أغسطس الماضي، في حين لم يعد بإمكان نحو مليوني طفل الذهاب إلى المدارس ، بعد أن خرجت حوالي 1600 مدرسة عن العمل في اليمن، نتيجة الأضرار التي لحقت بها، أو استخدامها لإيواء النازحين.
وعلى الصعيد المعيشي ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن الشهر الماضي، إن أكثر من 11 مليون طفل يمني باتوا بحاجة إلى مساعدة إنسانية بسبب الظروف الصعبة التي ولدتها الحرب المتفاقمة في البلاد. وأجبر الجانب المعيشي السيئ الذي تعيشه الأسر اليمنية، العديد من الأطفال إلى الالتحاق بالعمل وترك مدارسهم من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف القاسية التي تعيشها البلاد. أطفال يعيلون الأسر ومن هؤلاء الذين عاشوا ألم المعاناة ووجع المأساة، الطفل نسيم عبده (حوالي عشر سنوات) الذي يشكو من هم المعيشة التي تعانيها أسرته المكونة من سبعة أفراد. يعمل نسيم في بيع الأقراص المضغوطة (سيديهات) في العاصمة اليمنية صنعاء، ليعين أسرته في توفير أساسيات الحياة.
ويقول لوكالة الأنباء الألمانية( د. ب. أ) إنه يحصل في بعض الأيام على 1000 ريال يمني ( حوالي دولارين) في حين أنه قد لا يحصل في أيام أخرى سوى على 500 ريال( أقل من دولار وربع)”. وأضاف نسيم أن الحرب وظروف أسرته وعدم حصول والده على عمل أجبرته وشقيقه الأكبر إلى النزوح من مدينتهم في محافظة تعز جنوب غرب اليمن، إلى صنعاء، للعمل في بيع (السيديهات)على المارة في الشوارع. وتابع “أجمع وشقيقي المال الذي حصلنا عليه ونقوم بإرساله إلى أسرتي في تعز كل أسبوع أو شهر حتى يتمكنوا من توفير لقمة العيش”. ويشكو نسيم لــ ( د. ب. أ) من الواقع الذي تعيشه البلاد، وأنه يأمل أن يعود اليمن كما كان سابقا دون حرب وصراعات، كي يتمكن من العودة إلى مدرسته التي تركها حتى يساعد أسرته في العيش. نسيم واحد من ملايين الأطفال من اليمنييين الذين باتوا بحاجة لأنواع من المساعدات الإنسانية، بسبب استمرار الصراع في البلاد؛ إلا أنهم أجبروا على خوض معركة مساعدة الذات والأسرة، والكفاح من أجل الحياة.
ومن بين هؤلاء المكافحين أيضا، إبراهيم الحيمي 12 عاما فهو يقف بعربة صغيرة لبيع الفواكه في العاصمة صنعاء، بشكل مستمر من أجل توفير ضروريات الحياة لأسرته المكونة من 6 أفراد”. يقول الحيمي لـ ( د. ب. أ) “إنه يدرس في الصف السادس، غير أنه لا يحضر المدرسة سوى أيام الامتحانات فقط، بسبب انشغاله الدائم بالعمل من أجل توفير قوت الحياة لأسرته”.
وتابع” لو قررت الدراسة بشكل مستمر، من سيعمل على إعالة أسرتي؟”،مشيراً إلى أن والده الذي يعمل برتبة عسكري في الجيش لم يتسلم مرتبه منذ أكثر من عام. يكسب الحيمي في اليوم 500 ريال (أقل من دولار وربع) وبالكاد تكفي أسرته في ظل الارتفاع الكبير لأسعار المواد الأساسية في بلاده. وتابع “ليس عيبا أن أعمل، العيب أن استسلم للظروف الصعبة وأترك اسرتي دون إعالة”. الطفولة وأشد العذاب وعلى الرغم من أن أطفال اليمن كانوا يعانون من فقدانهم لحقوقهم، حتى قبيل هذه الحرب، إلا أن الواقع الحالي المأساوي الذي أنتجته الحرب، أدى إلى عيشهم حياة تشبه العذاب.
على هذا الصعيد، تقول ندى الأهدل، رئيسة مؤسسة ندى المعنية بحقوق الطفولة، إن ” أطفال اليمن عانوا أشد أنواع العذاب طوال الثلاث السنوات الماضية، وأنه في كل يوم يزداد عليهم ضيق الحياة بما لا تحتملة حتى الجبال”. وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ) أن ” أطفال اليمن يعانون من حرمانهم من التعليم، واستغلال براءتهم في الحروب، ما أدى إلى تدمير النسيج المجتمعي، مع الزيادة المهولة في التيتم والتشرد”.
وتابعت”هناك متاجرة بالأطفال وخصوصاً الفتيات، إضافة إلى معاناة الأطفال من مشكلات النزوح الإجباري و انعدام الأمن والمجاعة المفرطة، و تدهور الحياة الصحية، وانتشار الكوليرا، و انعدام الأدوية، وزيادة العنف الأسري، وهي كلها جرائم ارتكبت ضد أطفال اليمن”. وقالت الناشطة الحقوقية اليمنية إن ” أطفال اليمن ارتكبت في حقهم انتهاكات أمام مرأى ومسمع من العالم، ولا مجيب أو بادرة خير من المنظمات الدولية او المؤسسات الحكومية “.
ومضت الأهدل بالقول” يموت الطفل اليمني بكل شتى الوسائل الإجرامية، وأمام أعين الرأي العام المحلي والدولي والعربي، ثم لا نرى أي بوادر خير أو بصيص أمل يخفف عليهم ما يعانوه”. وأردفت ” الأشد من ذلك هو وجود حكومة شرعية معترف بها دولياً لا تملك موازنة مالية قادرة على مواجهة هذه الكارثة التاريخية، ولا رحمة لدى الجماعات التي سلبت إرادة شعب واستولت على المؤسسات الحكومية بمليشياتها المسلحة ولم تراع حقوق الكبار والصغار والنساء”.