بين صراع الارادات وفشل الحوارت ..الكونفدرالية هي الحل : أحمد حرمل
الأربعاء 2 صفر 1438ﻫ 2-11-2016م


الجزيرة برس – الاستاذ احمد حرمل -دخلت الحرب اليمنية شهرها العشرين دون ان يتمكن احد من حسمها فلا الشرعية المدعومة من قبل قوات التحالف حسمت المعركة عسكرياً وانهت الانقلاب ولا هي نجحت في ادارة المناطق المحررة ولا تحالف عفاش ومليشيات الحوثي المدعوم من ايران استطاع ان يشرعن الانقلاب ويكسب المعركة سياسياً ولا هو نجح في الحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي في مناطق نفوذه ولا على حيادية البنك المركزي ، ولا ممثل الامين العام للامم المتحدة اسماعيل ولد شيخ نجح في مساعيه لايقاف الحرب واحلال السلام ٠
اخفق مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى اليمن في تحقيق اي تقدم على ارض الواقع ومنيت كل محاولاته لتقريب وجهات النظر بين المتحاربين بالفشل الذريع فلا مباحثات جنيف 1 اوقفت نزيف الدم اليمني ولا مفاوضات جنيف 2 ثبتت هدنة ولا مشاورات الكويت بجولتيها الاولى والثانية ردمت الهوة ولا حققت انفراج ومهدت الطريق الى تسوية سياسية٠
الحرب القذرة التي اشعلها تحالف مليشيات الحوثي وعفاش والتي بدأت متاريسها وخنادقها في عدن والضالع والعند وبله وتعز ومارب اتسعت رقعتها وامتدت متاريسها وخنادقها الى جازان وعسير ونجران٠
الحسم العسكري الذي حققته المقاومة الجنوبية في الضالع وعدن والعند ولحج بحوطتها وصبرها وفي عتق وزنجبار وجعار ومديريات المنطقة الوسطى محافظة ابين وفي ساحل حضرموت تعثر في البعرارة وصرواح وفرضة نهم وطال امد الحرب في البيضاء وعسيلان ومكيراس وكرش وكل المؤشرات تدل بان فصولها ستتواصل ونهر دماء اطرافها وضحاياها سيستمر في العزارة ولا ندري الى اي مدى ستصل ٠
مبادرة كيري وورقة ولد الشيخ وافكار الرباعية ونصائح الدول العشر وقرارات مجلس الأمن ضلت ولا تزال حبر على ورق فبمثل ما فشلت في انقاذ الوضع الانساني المتدهور فشلت في ايقاف دوي المدفعية وهدير الطائرات وازيز الرصاص٠

فشل الحوارات
————
قد يتسال البعض لماذا فشلت المفاوضات والمشاورات والحوارات وعلى وجه الخصوص مشاورات الكويت ويضع بعد تسأله علامة سؤال وعلامتي تعجب ؟!!
الا انها تبدو لي امر طبيعي ومنطقي فكل الحوارات والمشاورات والجهود التي يبذلها مبعوث الامين العام للامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ تركزت على البحث في النتائج المتمثلة بالحرب وتدخل دول التحالف العربي دون الاهتمام بانهئ السبب المتمثل بالانقلاب فاذا ما نظرنا الى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية نجد انا مواقفها متناقضة فقي الوقت الذي توكد فيه بياناتها وتصريحات ممثليها تاييدها للمرجعيات الثلاث
( المبادرة الخليجية / مخرجات الحوار / قرار مجلس الأمن رقم2216 ) نجد بان مبادراتها واوراقها ورؤاها المقدمة لطرفي الصراع تتخلا عن هذه المرجعيات وتغرد بعيد عنها فعلى سبيل المثال 
اكد قرار مجلس الامن رقم 2216 على دعمه لشرعية هادي ودعاء الى انهئ الانقلاب ووصف تحالف الحوثي وعفاش بالانقلابيين الا انه جرى التخلي عن كل هذا منذ الجولة الثانية في (جنيف2) وصدرت بيانات عن مجلس الامن اظهرت حرصها الشديد على وقف الحرب والدخول في العملية السياسية وتجاهلت انهئ الانقلاب وبدلاً من ان ترعى الامم المتحدة حوار بين شرعية وانقلابيين رعت حوارات ومشاورات بين طرفيين هذا التغيير المفأجئ خدم تحالف الحوثي وعفاش واعطاهم دفعة سياسية ومعنوية جعلتهم يتصلبون في مواقفهم اثناء الحوار هذا احد عوامل فشل الحوار اضافة الى عوامل اخرى منها ان المتحاورين او المتشاورين ذهبا الى الكويت وكل منهما يتكئ على عناصر القوة التي يمتلكها لتحقيق مكاسب سياسية فالرئيس هادي يمتلك ثلاثة عناصر هي : 
١- محافظات الجنوب المحررة
٢- مساندة ودعم قوات التحالف العربي
٣- المرجعيات الثلاث وعلى وجه الخصوص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 
اما عناصر القوة التي يمتلكها تحالف الحوثي وعفاش فهي :
١- سيطرته على معظم محافظات الشمال وتقاسمه السيطرة مع الشرعية على بقية المحافظات 
٢- امتلاكه مخزون هائل من الاسلحة الثقيلة والعتاد العسكري بما فيها الصواريخ البلاستية 
٣- موالات عدد من الوية الحرس الجمهوري المدربة تدريب عالي والتي يراهن عليها في كسب الحرب البرية دفاعاً عن صنعاء 
٤- عدم جدية المجتمع الدولي في التعامل مع تحالف الانقلاب والضغط عليه لتنفيذ القرار الأممي رقم 2216 ٠
ومن هذا المنطلق فان وفد الشرعية يريد ان ينهي الانقلاب من خلال تمسكه بتنفيذ قرار مجلس الامن 2216 ولذا فهو يصر على البدء بالشق العسكري والأمني المتمثل بتسليم السلاح والانسحاب من المدن والمحافظات وتحرير مؤسسات الدولة من هيمنة المليشيات وغيرها من الجوانب العسكرية والأمنية ، ويرفض البدء بالشق السياسي لان ترحيل الشق العسكري والأمني الى المرحلة التالية للشق السياسي لا معنى لها لان تحالف الحوثي وعفاش حينها سيكون شريكاً في السلطة وبالتالي فان ما يمتلكه من قوة عسكرية سوى كانت بشرية او مادية ومليشيات ستكون حينها جرء من السلطة ينبغي استيعابها وترتيب اوضعها في اطار القوات المسلحة والأمن وجهاز الدولة المدني وبذلك يكون تحالف الانقلاب قد نقل قوته الى داخل اجهزة الدولة وبطريقة شرعية٠
الحوثيين الذين حققو مكاسب سياسية في اتفاق السلم والشراكة قبل ان يورطهم عفاش في حرب اساءو تقدير نتائجها هاهم اليوم ومع عفاش يبحثون عن سلم وشاركة تعوضهم عن ما عجزو عن تحقيقه بالحرب ولذا فهم يرون بان الشق السياسي يجب ان يبدء اولاً لأن الجلوس على طاولة الحوار هو اعتراف من الاخرين بما فيهم المجتمع الدولي ودول التحالف بان الخيار العسكري اثبت فشله وان الخيار السياسي عن طريق الحوار هو الحل ولذا فان البدء بالشق السياسي اولاً هو انعكاس لهذا التوجه فالبدء بالشق السياسي وهم يمتلكون القوه سيمكونهم من الاطاحة بهادي ويحقق لهم مكاسب سياسية تضمن لهم شراكة حقيقية بحسب اعتقادهم متناسين بان من يتحكم باطلاقة الاولى قي الحرب ليس بمقدوره التحكم برصاصتها الاخيرة ، وغاب عن بالهم بان ثمن السلم اكثر كلفة من ثمن الحرب ، ولذا فهم لا يمكن ان يقبلو بتسليم السلاح قبل البدء بالعملية السياسية لان تسليمهم للسلاح يعني تجريدهم من القوة ومن ثم اخراجهم من العملية السياسية برمتها وربما سيتعرضون للملاحقات والمحاكمات وغيرها٠

بعد ان خسرت بلح الشام لا يمكن ان تترك عنب اليمن 
———————— 
لم تكن المملكة العربية السعودية التي تتزعم التحالف العربي تدرك بان تدخلها في اليمن ليس بالامر الهين وان الحسم العسكري سيطول امده وان ضرب ادوات المشروع الايراني في اليمن سيكون صعب المنال٠
حاولت السعودية ومن خلال قيادتها للتحالف العربي وتاسيس التحالف الاسلامي ان تقدم نفسها كلاعب عالمي له وزنه وثقله متناسية بان لعبة الأمم لا يجيدها الى اللاعبين الكبار ( الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ) فها هي ايران التي رأت بان ضرب مشروعها في اليمن لابد ان يقابله ضرب مشروع السعودية في سوريا ولكونها غير موهلة للقيام بهذه المهمة لعدت عوامل ناهيك انها في غناء عن تأليب المجتمع الدولي ضدها وكذلك عدم قدرتها على التدخل المباشر بسبب الحصار المفروض عليها من المجتمع الدولي فاتفقت مع احد اللاعبين الكبار (روسيا ) على القيام بهذا الدور نيابة عنها من خلال تدخل عسكري تتحمل طهران كلفته المالية وهو ما وجدت روسيا فيه فرصة للثأر من المملكة العربية السعودية لهزيمتها في افغانستان حيث وجدت في تدخل المملكة العربية السعودية في اليمن فرصة مناسبة لضرب ادواتها في سوريا وهذا ما ادركته المملك منذ الوهلة الاولى للتدخل الروسي في سوريا ففضلت ان تتفرغ لليمن وتترك امر سوريا لتركيا للقيام بالدور الذي كانت تقوم به المملكة وقد قبلت تركيا القيام بهذا الدور مقابل قبول المملكة تعيين علي محسن الاحمر نائب للرئيس والانفتاحها على التجمع اليمني للاصلاح وهو ما تم فعلاً ، وكون امريكا غير راضية عن هذا القرار كونه جاء مخالفاً لمخططها الهادف الى اغراق السعودية في الصراعات الداخلية في سوريا واليمن وليبيا ليسهل ضربها وفكفكتها في اطار مخطط الشرق الاوسط الجديد الذي بدأت اولى فصوله في الفوضاء الخلاقة في العراق ثم في دول الربيع العربي وفشلت في تنفيذة في دول مجلس التعاون الخليجي حيث استطاعت المملكة العربية السعودية اجهاض البروفات التحضيرية لنقل الفوضاء الخلاقة الى دول مجلس التعاون التي اختارت الولايات المتحدة الامريكية مملكة البحرين لانطلاقها ، فما كان على الولايات المتحدة الامريكية الا انتظار الوقت المناسب لترد على المملكة العربية السعودية فعملت على تعطيل تركيا من القيام بالدور الموكل اليها من السعودية وذلك من خلال دعم حزب العمال الكردستاني المناوئ للنظام التركي الامر الذي دفع بتركيا الى التقارب مع روسيا والانفتاح على النظام السوري وايران خوفاً من قيام دولة كردستان التي يمثل قيامها خطر حقيقي على اربع دول هي تركيا وسوريا والعراق وايران٠
لم تكتف الولايات المتحدة بهذا فحسب ولكنها ذهبت الى ما هو ابعد ذهبت الى تعطيل تحقيق اهداف المملكة من تدخلها في اليمن ابتدءً من عدم جديتها تجاه التحالف الحوثي العفاشي بل وطواطئها معهم الى سعيها لايجاد تسوية تبقي مليشيات الحوثي لاعب رئيسياً وفاعل في اليمن بهدف استخدامه كبعبع في وجه المملكة الى تبنيها مبادرات لحل الصراع في اليمن خلافاً للمرجعيات الثلاث واصرارها على ضرورة اشراك الحوثي والعفاش في اي تسوية سياسية وكذلك ممارسة الضغوط على المملكة لايقاف الحرب دون الاشارة الى انهئ الانقلاب ، وجاءت موافقت الكونجرس الامريكي على قانون يسمح لذوي ضحايا 11 سبتمبر برفع قضايا على المملكة ليضع الدولتين في موجة مباشرة مع بعضهما٠
كل هذه الصعوبات والتعقيدات اوصلت المملكة الى خيار الضرورة وهو الاستمرارها في الحرب والسير فيها الى نهايتها مهما كلفها ذلك من ثمن خاصة بعد ان تم استهدافها بعدد من الصواريخ البلاستية وصلت الى استهداف مكة وتسلل مقاتلي تحالف الحوثي وعفاش الى اراضيها ، ولكي تضمن تأمين حدودها فانها ترى بان اجتثاث ادوت ايران صار خيار الضرورة ، وتعززت لديها هذه القناعة بعد ان وجدت بان لا مناص من الحسم العسكري فبعد ان خسرت بلح الشام لا يمكن ان تترك عنب اليمن ، وذلك بعد ان فشلت تركيا في القيام في تغطية الفراغ الذي تركته المملكة في سوريا والمتمثل في دعم واسناد الفصائل المناوئة لنظام بشار الاسد ، وفشل علي محسن الاحمر والتجمع اليمن للاصلاح بتحقيق اي تقدم في حسم المعارك على الارض في تعز ومارب والبيضاء وفرضة نهم٠ 

مبادرة لانهاء الصراع وحل القضية الجنوبية 
———————-
الخطوط العريضة التي حملتها ورقة المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ هي تكرار للمبادرة الخليجية التي فشلت في تجنيب البلاد الانزلاق الى هاوية الحرب وبمثل ما كانت المبادرة الخليجية مبادرة ازمة وليست مبادرة حل فان ورقة ولد الشيخ هي الاخرى ورقة تصعيد الحرب وليست ورقة سلم كونها انحازت الى تحالف الحوثي عفاش ولبت زغبته في الاطاحة بهادي ٠
ان الانتقال الى العملية السياسية وفقاً لورقة ولد الشيخ امر غير مقبول من قبل الشعب فالمليشيات الانقلابية ارتكبت جرائم بحق الانسانية كما ارتكبت جرائم اقتصادية وضربت بكل القرارات الاممية عرض الحائط وحاصرت المدن ومنعت عنها الغذاء والماء والدواء٠
ان ورقة ولد الشيخ بشكلها الحالي تعد اخر نعش في جهود المجتمع الدولي لاحلال السلام ٠
ان تغاضي المجمتع الدولي وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن في الضغط على تحالف الحوثي وعفاش لتنفيذ بنود قرار مجلس الأمن 2216 وعدم استخدام بنود الفصل السابع الذي سبق مجلس الأمن ان وضع اليمن تحت هذا الفصل قد دفع بالامور من فشل الى فشل ومن تعثر الى الاخر ، وزاد الاوضاع الانسانية المتردية تردياً وتضاعفت الأرمة الاقتصادية المستفحلة والتي ستقود الى مجاعة يكون ضحيتها في المحصلة النهائية هو الشعب٠
كل هذا قابله المجتمع الدولي ببرود وكان الأمر لا يعنيه بشي حيث كانت مواقفه الخجولة من الانقلابيين تبعث على الارتياب ، وتوحي بان الحرب سيطول امدها وان تداخل مصالح بعض دول الاقليم مع مصالح بعض الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتعارضها من مصالح البعض الاخر قد القت بظلالها على الاوضاع في اليمن وحولتها الى ساحة لصراع الأرادات وعمق حالة الانقسام الداخلي ، ونظراً لانسداد الأفق السياسي وارتفاع وتيرة العمل العسكري وفشل مبعوث الامين العام للأمم المتحدة في ايجاد بدائل فاننا نتقدم بالمبادرة التالية : 
تتبنى جامعة الدول العربية والامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الرعاية والاشراف على عقد مؤتمران للمصالحة الوطنية في كل من الشمال والجنوب وفي وقت متزامن تفضي الى انهئ الصراع وحل القضية الجنوبية بحيث تكون اطراف هذان المؤتمران 
على النحو التالي : 

اطراف مؤتمر المصالحة في الجنوب 
———————-
١- القوى التي شاركة في الحكومة والجمعية الوطنية المعلن عنها في ٢١ مايو ٩٤م
٢- كتلة او تحالف ضحايا الصراعات السياسية منذ عام ١٩٦٧م حتى عام ١٩٩٠م 
٣- الحراك الجنوبي السلمي 
٤- المقاومة الجنوبية باضلاعها الثلاثة العسكري والحراكي والسلفي 
٥- اسر شهداء وجرحى الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية٠

اطراف مؤتمر المصالحة الوطنية في الشمال
——————– 
١- تحالف عفاش الحوثي 
٢- الجيش الوطني والقوى والاحزاب المساندة له 
٣- المقاومة الشعبية بشقيها الجماهيري والقبلي 
٤- كتلة او تحالف ضحايا الصراعات السياسية منذ عام ١٩٦٢م حتى عام ١٩٩٠م
٥- شباب ثورة التغيير 
٦- اسر شهداء وجرحى ثورة التغيير والمقاومة الشعبية٠
يفضي هاذان المؤتمران الى مجلسي حكم وحكومتين وجمعيتين وطنية في كل من الجنوب والشمال ، ومن ثم يجري الحوار بين الشمال والجنوب وباشراف اقليمي ودولي للدخول في اتحاد كونفدرالي بين الدولتين ولمدة خمس سنوات بهدف استعادة الدولة في الجنوب واستعادة الجمهورية في الشمال وفقاً لاسس مخرجات الحوار الوطني باعتباره مشروع الدولة لكلا الطرفين بحيث تكون هاتان الدولتان التي ستنتقل من الوحدة الاندماجية الفاشلة الى اتحاد كونفدرالي ذات نظام فدرالي تتكون كل منهما من ستة اقاليم ويجرى تنفيذها بمساعدة مجلس التعاون الخليجي والدول العشر الراعية لليمن بما يمكنهما من تأهيل نفسيهما للدخول في مجلس التعاوني الخليجي كلامهما او احدى الدولتين اذا فشلت الدولة الاخرى في تأهيل نفسها خلال الخمس السنوات٠
هذه هي اهم الافكار التي يمكن ان تجنب البلاد التفكك وتنهي الصراع وتحل القضية الجنوبية٠