هكذا انطلقت العاصفة، وهكذا انتهت، وفي الحالتين كانت استجابة طبيعية لطلب الرئيس الشرعي لليمن في رسالته لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والأسباب لكل منها معلنة وواضحة ومبررة، فهي بدأت رداً على اعتداءات مليشيا الحوثي والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح على الشعب اليمني ومكتسباته وشرعيته، وتهديدها لأمن وسلامة دول المنطقة، وإزالة التهديد تحديداً عن أمن المملكة والدول المجاورة، والعمل على مكافحة الإرهاب، وغير ذلك مما فصله بيان دول التحالف، وهي انتهت لأنه تم إنجاز أهدافها بالسيطرة على الأجواء والمياه الإقليمية لمنع وصول الأسلحة إلى المليشيات الحوثية، والمحافظة على السلطة الشرعية وتأمينها، وتهيئة البيئة المناسبة لممارسة مهامها، وتحييد معظم القدرات العسكرية التي استولت عليها المليشيات الحوثية، وكل هذا بتفاصيله ذكره بيان انتهاء عملية عاصفة الحزم وبدء عملية إعادة الأمل.
إيقاف عاصفة الحزم إذاً يأخذنا إلى عملية إعادة الأمل، والأمل الذي نص عليه البيان يتركز على سرعة استئناف العملية السياسية، وحماية المدنيين، ومكافحة الإرهاب، والتصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج، ومنع وصول الأسلحة جواً وبحراً إلى الحوثيين وحليفهم علي صالح من خلال المراقبة والتفتيش الدوليين، وكذلك تهيئة البيئة المناسبة لممارسة السلطة الشرعية لمهامها، وكل هذا وغيره فصله أيضاً بيان دول التحالف بوضوح لا لبس فيه، ما يعني أن المملكة وأشقاءها دول التحالف لم يكن لهم أي أطماع في اليمن بإطلاق عملية عاصفة الحزم، فقد كان دافعهم في الحرب والسلم انحيازاً من التحالف لليمن، وتجاوباً مع استغاثة الرئيس الشرعي والشعب اليمني الذي آثر أن يقبل بهذه العاصفة على أن يسلم أمره للحوثيين وعلي صالح وأتباعه.
وموقف المملكة ودول التحالف من اليمن ينبع من حرصها على أمنه واستقراره، ومنع الهيمنة والتدخلات الإيرانية في شؤونه، وتطلعها بأن ترى اليمن يعود كما كان إلى محيطه العربي، وأن يتمتع الشعب اليمني بحياة حرة كريمة، بعيداً عن دوافع القوى الخارجية وأطماعها بالهيمنة على اليمن، وجعله قاعدة لنفوذها على دول المنطقة، وبالتالي قيامها بتهديد المنطقة بأسرها، والأمن والسلم الدوليين، كما يشير إلى ذلك بيان دول التحالف، وبخاصة ما ظهر للمملكة من تهديد لأمنها وأمن الدول المجاورة، إثر استيلاء الحوثيين على الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية، والتهديد باستخدامها ضد أبناء الشعب اليمني والمملكة ودول الجوار، وبذلك يدخل اليمن – كما قال الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي- مرحلة جديدة يطوي فيها الشعب اليمني الأحداث الأليمة التي عصفت به، باتجاه انتصار إرادته الحرة في رسم مستقبله، بعيداً عن الإكراه والإذعان وفرض الواقع بقوة السلاح.
شكراً سلمان، فأنت بطل الحرب والسلام معاً، ولولا قرارك بإطلاق عملية عاصفة الحزم، وقرارك بإنهائها، وقرارك ببدء عملية الأمل، لكانت اليمن والمملكة ودول الجوار في وضع أمني آخر، غير أنك وإخوانك قادة التحالف قطعتم الطريق على هؤلاء العابثين بمستقبل بلادهم، ممن استمرؤوا إيقاد الفتن، وإثارة الخلافات، وفتح المجال للهيمنة الإيرانية، وهو عمل بطولي سوف يسجله لكم تاريخ اليمن والأمة العربية -كما قال ذلك الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي – بمداد من ذهب، فهو موقف تاريخي صارم أعاد للشعب اليمني الأمل في مستقبله، بما حققته عملية عاصفة الحزم من نجاحات، وبما ستحققه عملية إعادة الأمل من إنجازات سوف يودع فيها اليمنيون سنوات الضياع والقهر والظلم وسوء الحياة.
صحيفة الجزيرة السعودية