الجزيرة برس -تقرير / محمد شوعي ناجي .. على الرغم من التطور الهائل الذي شهدته المانيا بعد الوحدة، في مختلف قطاعات التنمية وتحقيقها مستويات عالية من الرفاه، الا ان هناك العديد من المشاكل والتحديات الاقتصادية امام الدولة الالمانية، والتي تتضح من خلال مناقشات البرلمان الالماني (البوندستاغ) لقضايا التنمية، خاصة في الولايات الشرقية .
ويناقش البرلمان خلال جلساته التي يعقدها بصورة شبة يومية، مستوى تنفيذ البرامج الخطط والاقتصادية في الولايات الالمانية الـ 16، خاصة الولايات الشرقية الـ 5 والتي خصص لها 250.5 مليار يورو حتى العام 2019م، ضمن قانون اقر بعد الوحدة الالمانية، بهدف اعمار الشرق الالماني.
وكان البرلمان الالماني قد اقر في 13 مارس 1993م، قانوناً سمي بقانون /التضامن مع الشرق/ وخصص بموجبه للولايات الشرقية مبلغ 94.5 مليار يورو حتى نهاية 2004م، و156 مليار يورو أخرى من عام 2005م الى 2019م، بهدف اللحاق الاقتصادي بالغرب .
وتتركز مناقشات البرلمان والبالغ عدد أعضائه 620 عضواً، على قضايا التنمية في الولايات الشرقية حيث تكون تلك القضايا محل جدل وانتقادات من قبل مختلف الكتل البرلمانية، ويشهد البرلمان على اثرها جلسات صاخبة، يوجه فيها النواب الانتقادات للحكومة والاتهامات بالفشل والعجز في تحقيق ما يتطلع اليه الالمان، خاصة بعد الوحدة والتي تعد الحدث الأبرز في أوروبا والعالم .
ولعل ابرز جلسات البرلمان التي شهدت جدلاً بشأن ذلك، تلك الجلسة التي وجهت فيها زعيمة حزب اليسار المعارض في البرلمان جيسين لويتستش (Gesine Lötzsch) اتهامات للحكومة بالفشل، كسابقاتها، في اعمار الشرق الالماني .
حيث اعتبرت النائبة في إحدى الجلسات ان سياسة حكومة المستشارة انجيلا ميركل تجاه شرق ألمانيا لم تفعل أي شيء، وان جميع الحكومات الاتحادية على مدى الـ 20 عاماً الماضية، فعلت أقل من ما يتوجب عليها من أجل الوحدة الألمانية.
وأشارت النائبة في كلمتها المقتضبة الى عدد من القضايا المرتبطة بمستوى المعيشة للالمان في الولايات الشرقية، خاصة قضايا التعليم والصحة، والبطالة بين الشباب والتي مازالت نسبها مرتفعة، على غير ما كان يتطلع اليه الألمان في تلك الولايات .
وعلى الرغم من تأكيدها على ان الوحدة الألمانية ناجحة، الا ان كلمتها فجرت جدلاً واسعاً داخل البرلمان وخارجه، بشأن ربطها للقضايا الاقتصادية، بالوحدة، خاصة وإنها اتسمت بحده لم يعهدها البرلمان من أي نائب، فضلاً عن كونها لزعيمه حزب .
كما اثار عدد اخر من النواب، مسألة التنمية في الشرق، وابرزهم النائب عن حزب الخضر ستيفان كوهن والذي قال ان الشرق الالماني فقد الزخم الاقتصادي للحاق بالركب الاقتصادي لالمانيا، الا انه اكد بان ” التوازن العام للوحدة ايجابي ” .
وتدخلت المستشار الالمانية انجيلا ميركل على اثر ذلك، لتؤكد ان الوحدة اكبر بكثير من ان تكون محل جدل في المانيا .. مستشهدة بكلمة المستشار السابق هيلموت كول، اول مستشار في عهد الوحدة، وقال فيها (إن الوحدة لم يحققها أفراد، وإنما حققها الشعب) .
ودافعت ميركل في عدة كلمات لها عن الوحدة، والتي أكدت أنها حلم الشعب الألماني الذي لا يمكن المساومة عليه .. مقرة في نفس الوقت بأنه ما يزال هناك “فروقات بنيوية” بين شرق ألمانيا وغربها، وان حكومتها تعمل من اجل تحقيق التوازن، بهدف “الوصول إلى مستويات معيشية متساوية” .
ويتضح من خلال قراءة المشهد الألماني، انه على الرغم مما تحقق، تظل هناك مشكلات جمة وتحديات كثيرة يستوجب مواجهتها وإيجاد الحلول الناجعة لها، خاصة التحديات الاقتصادية والتي تعد العقبة الرئيسية لإعادة الاستقرار في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
كما يتضح أيضا، من خلال استقراء مواقف الساسة الألمان من برلمانيين وسياسيين، ان مفهوم تحقيق التوازن في التنمية ومستوى المعيشة في مختلف أرجاء البلاد، يعد الهدف الأبرز لقادة ألمانيا وحكوماتها المتعاقبة، منذ إعادة تحقيق الوحدة .
وقد ظهر ذلك جلياً في دعوة السفير الألماني بصنعاء هولجر جرين خلال لقاءه فريق العمل الخاص بالقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني في 8 مايو الجاري، إلى العمل على معالجة القضايا التي يشعر الجنوبيون أنها لم تُعالج خلال الـ 20 سنة الماضية ” .
كما يبرز ذلك وبشكل أقوى، في برقية التهنئة التي بعث بها الرئيس الألماني يواخم قاوك إلى رئيس الجمهورية بمناسبة العيد الوطني الـ 23 للجمهورية اليمنية، والتي أكد فيها على ضرورة ” خلق التوازن بين الشمال والجنوب ” .
حيث قال ” ان خلق التوازن بين الشمال والجنوب وكذا معالجة انتهاكات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب لهي تحديات هائلة تواجهكم وتواجه بلدكم، والأمل يحدونا جميعاً أن يتم معالجة كافة المسائل بصورة سلمية وسريعة ” .
واختتم الرئيس الألماني برقيته بالتأكيد على مساندة ألمانيا بكل طاقتها، قائلاً ” ولتكونوا على ثقة يافخامة الرئيس من أن ألمانيا ستساندكم بكل طاقتها “.
سبأ