انتصاران لـ”عاصفة الحزم” راجح الخوري
الأحد 9 جمادى الآخرة 1436ﻫ 29-3-2015م

 

الجزيرة برس-اذاً يستطيع المخمل ان يخفي قبضة حديدا، ويمكن هدوء الحلم ان يتحول “عاصفة حزم” عندما يتمادى الاستفزاز ويهدد بقلب موازين القوى في المنطقة، وهكذا يمكن القول ان العملية التي قادتها السعودية لإنهاء مفاعيل الإنقلاب الحوثي وإسقاط رهان الإيرانيين على ان يشكّل ابتلاعهم اليمن استكمالاً لفرض هيمنتهم الإقليمية في المنطقة، وضعت بداية لمرحلة تصحيحية وضرورية ونهاية لمرحلة شاذة واستفزازية.

لقد مضت ايران بعيداً في التدخل وإثارة المشاكل في المنطقة مفترضة ان سياسة الحلم والروية التي تطبقها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تساعدها على كتابة تاريخ جديد للمنطقة وباللغة الفارسية، ولم تتوان في الإعلان انها باتت تسيطر على اربع عواصم عربية، وأنها بعد هيمنتها على اليمن “سيأتي دور السعودية”، هكذا حرفياً كما ورد في الصحف الإيرانية، ولهذا كان من الضروري إنهاء هذا التاريخ من الاستفزاز.
عملية “عاصفة الحزم” تفتح صفحة وتطوي صفحة، وما حققه الملك سلمان بروية وتخطيط وحكمة يمثل عملياً انتصارين بارزين، الانتصار العسكري الذي وضع حداً للزحف الحوثي المدعوم ايرانياً والذي كان يريد احتلال عدن وإلغاء الشرعية المعترف بها عربياً ودولياً، خصوصاً ان عشر دول تقف وراء المملكة عسكرياً، والانتصار السياسي الأكثر ابهارا والذي تجلّى في الاجماع العربي والدولي على دعم العملية لمنع انهيار الشرعية والحيلولة دون انزلاق اليمن الى الحرب الأهلية، تضاف الى هذه البراعة في توقيت العملية عشية القمة العربية التي تبنت تشكيل “قوة ردع عربية”، وعشية جولة حاسمة من المفاوضات بين جون كيري ومحمد جواد ظريف.

صحيح ان العملية جرت في اليمن ولكن ستكون لها تداعيات ايجابية في المنطقة العربية كلها، فلقد انتهى الزمن الذي كانت إيران تتعامل مع الدول العربية وكأنها هشيم، فمن المحيط الى الخليج أيقظت العملية شعوراً عارماً بأنه من غير المقبول بعد الآن التلاعب داخل البيت العربي كما كان يحصل: إسقاط “اتفاق مكة” بين الفلسطينيين، اعتبار بغداد عاصمة الأمبراطورية الفارسية الجديدة، إرسال المقاتلين لدعم النظام السوري الذي يذبح شعبه، التدخل في البحرين وأمكنة أخرى، تنفيذ الانقلاب في اليمن وإسقاط الحل الخليجي ومحاولة السيطرة على باب المندب ومضيق هرمز لخنق المنطقة.

صحيفة “التلغراف” البريطانية كتبت ان ما يحدث في اليمن هو قيام “تحالف سني” لتقليم أظافر ايران، لكن ما يحدث هو ببساطة استعادة للتوازن الذي كسرته وإنهاء عقدين من الزمن حاولت فيهما ان تدير المنطقة من خلال التلاعب بالنسيج الداخلي لبعض الدول على أساس مذهبي. صحيح قد يشكّل هذا تقليماً لأظافرها، لكنه بالتأكيد لا يحمل أبعاداً مذهبية لأن الحوثيين مطلوبون الى طاولة الحل السياسي في اليمن ولأن الشيعة مكوّن جوهري في النسيج العربي.

نقلان عن النهار اللبنانية