يمثل اليمن نظراً لموقعه الجغرافي أهميةً كبرى لمنطقة الخليج العربي، وعليه فإن مصلحة دول الخليج العربي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحال الأوضاع في ذلك البلد. ولعل اليمن اليوم يواجه العديد من الأخطار الجسيمة التي تهدد أمنه واستقراره، وهي الأخطار التي بالطبع سيكون لها تأثير بالغ على أمن واستقرار المنطقة الخليجية بأسرها.
فأمن دول الخليج العربي المنطوية تحت لواء مجلس التعاون الخليجي من أمن اليمن. ولا يمكن لنا أن ننسى الخطر الشيوعي الذي هدد منظومة القيم المحافظة في دول الخليج العربي في فترة الستينات والذي جاء لنا من اليمن الجنوبي بدعم مباشر وغير مباشر من القوى الشيوعية. ولعل يمن اليوم ينذر بخطر شبيه لدول الخليج إذا ما سار نحو الانزلاق.
يعيش اليمن في ظل تهديدات ثلاثة رئيسية لها صلة مباشرة بإمكانية إحداث إرباك في الساحة الخليجية إذا لم يتم مواجهتها ووضع حد لإنهائها من ذلك البلد. أول هذه التهديدات القاعدة ووجودها في اليمن. فالمعروف أن القاعدة متواجدة في معظم الأراضي اليمنية، بل وتسيطر على بعضها. وهدف القاعدة هو ضمان عدم استقرار اليمن حتى تتمكن من أن تخلق موطئ قدم ثابت لها هناك كبديل عن أفغانستان التي قد تواجه القاعدة خطر ابتعاد طالبان عنها وعن توفير الغطاء لوجودها هناك لاسيما بعد مقتل أسامة بن لادن.
فالقيادة الجديدة الشابة لتنظم القاعدة تحاول أن تخلق لها وجوداً في اليمن مستثمرةً حالة عدم الاستقرار الأمني هناك. وجميعنا يعلم أن القاعدة تنظيم إرهابي يسعى إلى خلق البلبلة في دول الخليج العربي ويرفع راية التحدي للنظام القائم في دول المنطقة. وعليه فإن ترك اليمن يسقط في يد القاعدة سيجعل حال دول الخليج العربي كحال باكستان مع سقوط أفغانستان في يد القاعدة وطالبان، حيث حالة التوتر وعدم الاستقرار والمواجهة مستمرة نتيجة لتوغل القاعدة وطالبان في الأراضي الباكستانية.
ثاني التهديدات هو الوضع في جنوب اليمن وحالة الانغماس الجنوبي في فكرة الانفصال عن جمهورية اليمن. ما يُخيف دول الخليج هو الدور الإيراني في تأجيج فكرة الانفصال لدى بعض الفصائل في الجنوب والعلاقة الوثيقة القائمة بين قيادات تلك الفصائل الجنوبية وطهران. التخوف الخليجي هو في إعادة صياغة تجربة حزب الله اللبناني في اليمن، حيث الخاصرة الخليجية.
هذا الأمر لا يمكن أن يكون مقبولاً لدى دول الخليج التي تعلم جلياً مدى خطورة مثل هذا الوضع على أمنها واستقرارها. فقد سمعنا كثيراً عن وجود أفرع وخلايا وأنشطة لحزب الله في دول الخليج. وبالتالي وجود تجربة شبيهة في دولة مجاورة لدول الخليج سيكون فيه تهديد مباشر لدول الخليج العربي، فلا يمكن لدول الخليج إلا أن تدعم وحدة اليمن.
وثالث التهديدات هو اللعب على الوتر الطائفي بين سنة وشيعة، وهو ما تسعى أطراف إقليمية إلى تأجيجه في المنطقة. فالحوثيون وبدعم خارجي استطاعوا أن يدخلوا في مواجهة عسكرية مع الحكومة المركزية في اليمن ومع المملكة العربية السعودية. مثل هذا التأجيج الطائفي من شأنه أن يجر المنطقة إلى حروب هي في غنى عنها.
تلك التهديدات تمثل خطراً على دول الخليج، وعليها بالتالي أن تضع اليمن فى صلب إستراتيجياتها الأمنية. ما تقوم به دول الخليج من تقديم المساعدات الإنسانية والدعم السياسي للحكومة اليمنية ـ وهو أمر مهم ـ غير كافٍ لردع تلك الأخطار. على دول الخليج أن تضع إستراتيجية واضحة للتعامل مع اليمن تتجاوز الدعم السياسي للحكومة وتقديم المساعدات الإنسانية إلى أن يكون لها دور فاعل على الأرض اليمنية بين كافة الأطراف لضمان تحقيق هدف وحدة اليمن.
فلا يكفي أن نقول بأن دول الخليج تدعم الحوار الوطني بل من المفترض أن يكون هناك دور لدول الخليج العربي أو على الأقل لبعضها ـ لا سيما تلك التي تتمتع باحترام في الداخل اليمني ـ في العمل الدبلوماسي نحو إقناع مختلف الأطراف على الجلوس على طاولة الحوار وإنجاحه من خلال تقديم ضمانات للداخل اليمني بأن دول الخليج لن تتخلى عنهم بل أن جميع مطالبهم في ظل الوحدة الوطنية ستعمل دول الخليج على المساعدة الفاعلة في تنفيذها. هذا الدور الخليجي وللأسف الشديد مفقود في اليمن.
علينا أن لا نرمي كل آمالنا على جهود مبعوث الأمم المتحدة السيد جمال بن عمر؛ بل علينا أن تكون لنا نحن دول الخليج جهودنا الخاصة بنا والتي يمكن أن تساعد في ضمان تحقيق الوحدة اليمنية، لأن في ذلك ضماناً لأمننا واستقرارنا. دول الخليج مرحب بها في اليمن، إلا أننا وكما يبدو تركنا للأطراف الأخرى التواجد في الداخل وفضلنا أن نتعاون من بعيد، واكتفينا برعاية مبادرة خليجية تبعد حكم علي عبدالله صالح ولكنها لا تضمن مستقبل اليمن بالنسبة لنا. فإذا ما أرادت دول الخليج حماية أمنها من الأخطار التي يمكن أن تأتيها من اليمن فعليها أن تتحرك بشكل أكبر مما هو عليه الآن قبل أن يفوت الآوان.
binhuwaidin@hotmail.com
* البيان الاماراتية