أضحى الحوار الوطني في اليمن ضرورة ملحّة الآن ربما أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحدّيات التي تجابه حكومة صنعاء في الوفاء باستحقاقات عاجلة يعصف تأجيلها بالبلاد نحو أتون الاضطراب والفوضى والعجز عن الدفع إلى الأمام بعجلة التنمية وبناء الدولة المدنية الحديثة.
لقد رسمت المبادرة الخليجية، والتي عبرت باليمن إلى بر ما بعد الرئيس السباق علي عبد الله صالح، خارطة طريق لوطن المستقبل، عبر تأمين انتقال سياسي سلمي أوجد توافقاً وطنياً بين مختلف التيّارات السياسية، ولم يعكّر صفوها سوى التشبّث والتعنّت من بعض الأطراف السياسية والجهوية، بما في ذلك الرئيس السباق ومناصروه، والإصرار على الوقوف حجر عثرة في وجه جهود إنجاز المستحقات السياسية واستكمال تنفيذ بنود المبادرة الخليجية.
ولا شك أن هناك الكثير من الاستحقاقات العاجلة التي ما زالت تنتظر اليمن، وعلى رأسها الأزمة الأمنية التي تتطلب تضافر الجهود لتطويقها، وضرورة إيجاد توافق سياسي بين مختلف المكوّنات والطوائف، يفضي إلى وضع قطار التنمية في المسار الصحيح، وإخراج البلاد من أزماتها المتعددة.
وتقف مشكلة الجنوب والمطالب بالانفصال كأكبر التحديّات التي تجابه اليمنيين، والتي تتطلّب حواراً جاداً وبقلوب مفتوحة بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وقادة الحراك الجنوبي، للتوصّل إلى نقاط التقاء تجنّب البلاد شرور التقسيم، وتعزز الوحدة الوطنية بين شطري اليمن اللذين تجمعهما كل عوامل الوحدة، ولا تفرقهما إلا الخصومات الحزبية وإرث السياسات الخاطئة.
كما تظل قضية محاربة تنظيم القاعدة الذي أضحى يمثّل تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار المنشودين، وتحدّياً كبيراً للسلطات التي ينتظرها تحدٍ مشابه، يتمثّل في جمع السلاح المنتشر في الشارع، والذي ما انفك يقض مضاجع السلطات بما يتسبّب فيه من كوارث أمنية بين الفينة والأخرى وما يسقطه من ضحايا.
ولا بد من تضافر جهود المحيطين الإقليمي والدولي مع اليمن في هذه الرحلة التي يمر بها، وعلى رأس هذه الجهود قطعاً جهود مجلس الأمن الدولي بمعاقبة معرقلي العملية السياسية، فعلاً لا قولاً، وجهود الإقليم بتقديم كل ما يستطيع لليمن حتى يتجاوز هذه المرحلة الدقيقة.