اليمني الذي يقتله الإرهاب ومكافحو الإرهاب! علي الفقيه
الأربعاء 4 جمادى الأولى 1438ﻫ 1-2-2017م

 

 

الجزيرة برس – علي الفقية – نورا العولقي (خمس سنوات)، إرهابية خطيرة اصطادتها الأباتشي والدرونز ومجاميع المارينز الأمريكي في العملية التي نفذت في رداع فجر اليوم!!

 

هي ذات النيران التي قتلت أباها “أنور العولقي”، قالت الولايات المتحدة إنه إرهابي خطير، فما الذي يمكنها قوله الآن وقد قتلت طفلته التي لا تزال في أعوامها الأولى، وربما لم تسمع يوماً كلمة “أمريكا” أو تستطيع نطق كلمة “الإرهاب”؟

 

قبل حوالي خمسة عشر عاماً فتح المخلوع صالح، باتفاقية محاربة الإرهاب، الأجواء للطيران الأمريكي ليصطاد اليمنيين وفقاً للمعلومات التي يتلقونها من منظومة المخابرات التابعة لصالح  والتي استعملت الحرب على الإرهاب كوسيلة ضمن لعبة ابتزاز العالم وضرب مراكز النفوذ التي تخرج عن طوعه في الداخل، ولا تزال اللعبة متواصلة حتى اليوم ويقدم صالح وحلفاؤه الحوثيون معلومات، فيها الكثير من المغالطات، عن أشخاص ومجموعات تقف ضد مشروعهم.

 

وطوال السنوات الماضية ارتكب الطيران الأمريكي عدة مجازر بحق مدنيين أبرياء وسقط فيها عشرات النساء والأطفال، وكل ذلك أثناء استهدافه لأشخاص يشتبه بانتمائهم للقاعدة.

القاعدة موجودة وعناصرها يتحركون على الأرض ولهم تواجد في أكثر من منطقة يمنية، لكن لا يمكن للأمريكان الإدعاء بنجاح جهودهم في مكافحة الإرهاب وهم فعلياً ساهموا في تدمير الدولة اليمنية من خلال التواطؤ والتسهيل الذي قدموه للمتمردين الحوثيين لتنفيذ انقلابهم على الدولة اليمنية وتدمير مؤسساتها والاستيلاء على أسلحة المؤسسة العسكرية بما فيها الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة للحكومة اليمنية في عهد صالح وخصصتها لمكافحة الإرهاب.

 

 

 

في النهار يهتف الحوثيون بشعار “الموت لأمريكا” وفي الليل يتواصلون مع المسؤولين الأمريكيين لتقديم أنفسهم كحلفاء لمكافحة الإرهاب، وهم بذلك يواصلون الدور الذي كان يقوم به حليفهم صالح، وبما أن كل أطياف الشعب اتحدت لمواجهة مشروع الحوثيين وصالح وإنهاء إنقلابهم فإن كل من يواجههم سيكونون، في نظرهم وبالتالي في التقارير التي يرفعونها لحلفائهم الأمريكيين “إرهابيين ودواعش”، وإلى جانب التقارير التي يرفعونها يستعينون بأتباعهم من الكتبة والإعلاميين للترويج لتلك المعلومات وشن حملات منظمة على خصومهم وإلصاق تهمة الإرهاب بهم.

سيدرك الأمريكيون أن عملياتهم التي يسقط فيها ضحايا من المدنيين ومن النساء والأطفال تساعد الجماعات المتطرفة على استقطاب المزيد من المقاتلين، وأن مساندتهم لجماعات العنف التي تقتل اليمنيين “نموذج الحوثيين” يكشف للشعب اليمني بشكل أكثر وضوحاً زيف ادعاء الأمريكان محاربة الإرهاب والعنف وأنهم لا يلتفتون إلا إلى جماعات العنف التي تشكل خطراً عليهم أما الجماعات التي تقتل الشعب اليمني فيتبنونها ويشكلون غطاءاً لها.

وبقليل من المنطق يمكن لأي عاقل أن يدرك أنه لا يمكن محاربة جماعات الإرهاب والعنف إلا بشراكة حقيقية مع الدولة التي يجب عليهم أولاً أن يساعدوا اليمنيين في استعادتها من أيدي الإنقلابيين، والمساعدة على إعادة بناء مؤسساتها الدستورية التي يمكنها أن تكون شريكاً حقيقياً في مكافحة الإرهاب بشكل جدي بعيداً عن أي توظيف لهذا العنوان في الصراعات المحلية.

ولأن اليمن باتت مساحة مستباحة فيمكن للأمريكان أن يقتلوا ويدمروا كما يشاؤون تحت لافتة محاربة الإرهاب، لكنهم على المدى المتوسط والبعيد لا يفعلون أكثر من المساعدة على منح المتطرفين بيئة خصبة للاستقطاب والتجنيد، ويساعدونهم على توسيع حاضنتهم الشعبية في أوساط القبائل التي يسوؤها أن ترى كثيراً من أبنائها الأبرياء يموتون بسبب العجرفة الأمريكية.

وما المجزرة التي ارتكبها الأمريكان فجر اليوم بحق ما يزيد على عشرة من النساء والأطفال إلا نموذج لعدم اكتراث الأمريكان بحياة الأبرياء وأن ادعاءات حقوق الإنسان التي تصم آذان العالم لها لا يتعدى حدود الولايات المتحدة بينما تتحول خارج الحدود إلى قوة عمياء لا تكترث بحياة الأبرياء.

 

 

 

وكما يموت اليمنيون بنيران ومتفجرات الإرهابيين الحقيقيين والإرهابيين العاملين بالأجرة، فإنهم يموتون أيضاً بنيران مكافحي الإرهاب دولاً وأنظمة، والأشد مرارة من ذلك أن تلك النيران تتدفق عليهم بكثافة دون أن يجدوا حتى دولة توضح لهم ما الذي يحدث وكأن من يجلس اليوم على نصف كرسي الحكم، يردد بشكل أو بآخر ما قاله المخلوع صالح بالأمس “طائرة جت من السماء شو نعمل لها”.