الوقيعة بين بنكيران والملك .. ذريعة سياسية أم دور الضحية
الأربعاء 25 جمادى الأولى 1438ﻫ 22-2-2017م

 

لم تكن التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، حول جولة الملك محمد السادس بإفريقيا وإهانة الشعب المغربي، التي تم تداولها على نطاق واسع، وأيضا عبر مواقع مقربة من حزب العدالة والتنمية، لتمر دون ردود فعل.

فبينما ربطت مواقع إلكترونية وبعض الجرائد الورقية زيارة الملك إلى إفريقيا بكونه يفرّج كربات شعوبها في الوقت الذي يهان فيه الشعب المغربي بسبب “البلوكاج” الذي تعرفه مشاورات تشكيل الحكومة، خرج قياديون في حزب العدالة والتنمية للتأكيد أن الذين ذهبوا في هذا المنحى هدفهم إحداث الوقيعة بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة.

نزهة الوفي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، قالت إن “الذين يتربصون بتصريحات بنكيران لصناعة صراع مفتعل مع المؤسسة الملكية يبدو أن ذاكرتهم مثقوبة أو أصابهم الزهايمر”، مضيفة أن “الأستاذ عبد الإله بنكيران صنع جيلا شبابيا إصلاحيا بفكرة الاعتدال والإصلاح من خلال التشبث بالثوابت الوطنية، وأولها المؤسسة الملكية”.

ويعدما سجلت الوفي، على صفحتها بـ”فيسبوك”، أن “الأمر لم يكن فكرة شخصية بل فكرة رسالية نجح في أن يقنع بها جيلا كاملا خلال ثلاثة عقود صنع التميز المغربي عن اختيار رجالات الإصلاح وبفضل ذكاء الدولة المغربية”، اعتبرت البرلمانية عن حزب “المصباح” آمنة ماء العنين أن “أسوأ ما يمكن أن يحصل للسياسيين في بلدي هو أن تتحول منافستهم للخصم إلى المحاولة بشتى الطرق للإيقاع بينه وبين الملك، أو بينه وبين أطراف في الداخل والخارج”.

استغراب ماء العنين مما اعتبرته “تعسفا في تأويل كلام الأمين العام، واجتزائه من سياقه، في بنية سياسية هشة لا تحتمل كلام السياسيين، وتعبيرهم عن آرائهم بدون وصاية أو توجيه”، جاء في وقت أبدى فيه رئيس الحكومة أسفه للتحوير الذي طال كلماته.

وقال بنكيران: “إن مغرضين استغلوا كلامي ليحمّلوه معاني غير صحيحة بالمرة”، موضحا أن قصده هو أن “الملك يقوم بدور مهم في إفريقيا مكن من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وأرسى استثمارات كبيرة للمغرب ولشعوب إفريقيا خدمة للقارة، ونحن الأحزاب باقْيينْ حاصْلينْ في تشكيل الحكومة، وخاصْنّا نرجْعُو للديمقراطية باشْ نْخدموا بلادنا”.

أحمد مفيد، أستاذ باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، سجل أن المشهد السياسي بالمغرب يعيش الكثير من التحولات، “منها ما هو إيجابي لكن السلبي فيها يتزايد يوما بعد يوم”، مشددا على أن الصراع السياسي في الدول الديمقراطية “يكون مبنيا على أساس البرامج والمشاريع المجتمعية التي يتقدم بها كل حزب سياسي، وعلى أساس ما يقدمه كبديل في مجال السياسات العمومية، ولا يستند التنافس السياسي على النبش في الحياة الخاصة للأشخاص ولا على أساس مجرد الانتقاد دون تقديم بدائل”.

وقال مفيد في تصريح لهسبريس: “إن تصيد أخطاء الآخرين في السياسية يجب أن يرتبط ببرامجهم وبحصيلة عملهم، وليس فقط بمجرد الوقوف على بعض المصطلحات والجمل المعتمدة في الخطاب السياسي ومحاولة تفسيرها في سياق خاص قد يكون أحيانا غير السياق الحقيقي الذي وردت فيه”، مبرزا أن الانتقاد يبقى أمرا مشروعا، ولكن في نفس الوقت من الضروري التأكيد على وجوب ممارسته بطرق مشروعة وفي نطاق التلازم بين الحرية والمسؤولية.

وأضاف الباحث في العلوم السياسية أن “السياسي يجب أن يكون دقيقا في خطابه وواضحا في مقاصده؛ وذلك تفاديا لكل التأويلات التي يمكن أن تحيد بالخطاب السياسي عن معناه الحقيقي”، مشيرا إلى أن ما صرح به عبد الإله بنكيران يتطلب التدقيق والتوضيح رفعا لكل لبس أو غموض، وتفاديا لكل تأويل غير مطابق لما قصده.

واختتم مفيد حديثه لهسبريس بالتأكيد على أنه ينبغي لرئيس الحكومة ولأعضاء حزبه عدم الترويج لنظرية المؤامرة، وعدم انتظار تنويه وتصفيق منافسيه السياسيين بمضامين تصريحاته وبمحتويات السياسات التي يدافع عنها، موضحا أن الممارسة السياسية وإن كانت تقوم على التنافس والصراع السياسي، فإن هذا التنافس يجب أن يكون في إطار القانون، وفي إطار احترام الضوابط الأخلاقية.