المكلفون بالانشقاق:د/ عيدروس النقيب
الأربعاء 17 رجب 1436ﻫ 6-5-2015م

 


بحسب معرفتي عن قيادات المؤتمر الشعبي العام الذين يستبدلهم صالح كما يستبدل جواربه لم يبق لديه من القيادة ممن لم ينشق عنه  إلا ياسر العواضي وعارف الزوكا وربما محسن النقيب وصادق أبو راس إن كانا ما يزالان قادرين على فعل شيء يذكر. . ولم أعد أتذكر أحدا من كثرة ما حول الزعيم وبدل من رجالاته ومن كثر ما انشقوا عنه ثم عادوا إليه، وربما نسمع خلال الايام القادمة انشقاقات جديدة وقد ينشق صالح عن المؤتمر ويعلن تأييده لشرعية هادي ويا دار ما دخلك شر.

يرى الكثير من المتابعين للسيرة الذاتية للكثير من المنشقين عن مؤتمر صالح أن هذا الانشقاق إنما جاء تنفيذا لتكليف من (الزعيم) نفسه لهذه الجماعة ليحققوا له مجموعة من الأهداف السياسية الاعتبارية مما سنتعرض له لاحقا، وهذا الاعتقاد لا يمكن تجاهل وجاهته خصوصا إذا ما عرفنا مدى الارتهان الكبير القائم بين هذا الرجل و(رجالاته) الذين ظل وما يزال يتعامل معهم لا كموظفين مخلصين لديه بل كجزء من ممتلكاته التي لا يحق لأحد أن ينازعه عليها.

لم يقل لنا المنشقون ما الجديد الذي يتميزون به عما قبل انشقاقهم، بل إن احدا منهم لم يجرؤ على إدانة تسليم المؤتمر والجيش والأمن وكل الدولة للحوثيين والزج بكل هذه المؤسسات في حرب إبادة ضد الشعب في الجنوب ووبعض محافظات الشمال ، ولم نسمع منهم سوى كلمات زئبقية ملساء لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ولا ملمس تتركز على “النسيج الاجتماعي” و”المصلحة الوطنية” و”اللحمة الوطنية” والمرقة الوطنية” وهكذا دواليك.

لا يمكن إنكار أن في المؤتمر شخصيات لها تاريخ وطني ما ولديها بعض الاحترام لنفسها لكنها هذه الشخصيات للأسف لم تستطع توظيف هذا الاحترام لصناعة مواقف سياسية تخدم مشروعا وطنيا يمكن الرهان عليه ولو في حدوده الدنيا، فهذا النوع من البضاعة لا سوق له لدى المؤتمر الشعبي العام، ولذلك فقد ظل كل هؤلاء (المحترمون وغير المحترمين) رهيني رضا الزعيم الذي لم يرضه الا الأنذال والسفهاء ولذلك لاحظنا كيف كان هؤلاء (الأنذال والسفهاء) هم الأكثر حضورا والأعلى صخبا بينما غاب أو توارى كل من لديه حد أدنى من الاحترام لنفسه ومن الانشغال بالهم الوطني من قيادات المؤتمر الشعبي العام.

لم يعد خافيا أن كل الذين هربوا إلى تأييد شرعية هادي لم يفعلوا ذلك إلا وهم يخفون وراء هذا التأييد مجموعة من المآرب والأهداف، وحيث إن كل منهم له ارتباطات متشعبة على صعيد الولاءات والمصالح وأوراق الابتزاز (له وعليه)، فإنه يمكن التركيز على مجموعة المآرب التالية من بين كثير من الأهداف الكامنة وراء هذا الانشقاق الجماعي عن هذه الشركة الاستثمارية متعددة الأغراض التي اسمها المؤتمر الشعبي العام:

 الهروب مما بعد عاصفة الحزم: لقد أصابت العاصفة الكثيرين من أنصار تحالف الحوافش بالذعر والهلع ولذلك لاحظنا أكثر المتحمسين للدفاع عن (الزعيم) قبل العاصفة يقلبون البوصلة باتجاه 180 درجة وراحوا يبحثون عن ملاذ يحميهم من المصير الذي ينتظر من لم يعلن تأييده للعاصفة، ويجب أن لا ننسى أن الكثير من قيادات الحوافش التي سربت أخبار إصابتها وموت بعضها ما تزال غائبة عن الأنظار وهو ما يعني أن الهاربين كانوا يخشون أن تصح هذه التسريبات ويلاقون نفس المصير.

الترتيب لمخرج آمن للزعيم الذي صار غيابه مشكلة ووجوده مشكلة أكبر بالنسبة لهؤلاء فقبيل الانشقاقات المتلاحقة لاحظنا خروج الكثير من القيادات التي حملت مبادرات كان (زعيمهم) الذي علمهم كل شيء هو محورها الرئيسي، إذ كانت كلها تدور حول محاولة تأمين مخرج آمن لـهذا الرجل الذي أُعطي مرارا كثيرة مخارج آمنة لم يلبث إن وظفها ضد الذين منحوه تلك المخارج ومن المؤكد أن تكليفه لهؤلاء بالانشقاق عنه ينطلق من هاجس بناء سد وقائي مستقبلي لحمايته بعد أن تيقن هؤلاء أنه صار من المغضوب عليهم ليس فقط في الداخل اليمني بل وفي الخارج العربي والدولي.

الاحتفاظ بمكانة آمنة للمؤتمر كحزب سياسي: فلا شك أن التاريخ الممتلئ بالنقاط المتقيحة للمؤتمر  سيقوده الى الاندثار من الوجود خصوصا بعد أن انكشف على حقيقتة المتمثلة بكونه مجرد واجهة سياسية للفاسدين والعابثين والخارجين عن القانون وأصحاب المصالح المشبوهة ومعهم بعض الخلطة من الطيبين السذج، وبعد أن تحالفت قيادة هذا الحزب الذي أصموا أسماعنا بأنه حزب كل الوطن، تحالفت مع أكثر العصابات المسلحة شرا في تاريخ اليمن، وسلمت لهذه العصابة كل شيء في البلد انتقاما من اليمنيين الذين ثاروا على (الزعيم) عام 2011م.

وفي هذا السياق تأتي محاولة هؤلاء المنشقين للحفاظ على مصالحهم التي كونوها على مدى ثلث قرن خصوصا بعد أن رأى هؤلاء زعيمهم وهو يطأطئ راسه للقرارات الدولية التي استهدفت أمواله وثرواته التي نهبها من خبز ودواء اليمنيين، وكان الكثير منهم شركاء في عملية النهب هذه.

البحث عن مدان آخر غير حزبهم يكون مسؤولا عن الجرائم التي ارتكبها هذا الحزب بحق اليمن واليمنيين، إنهم بالطبع يتمنون أن لا يكون هذا المدان هو (زعيمهم) بدليل إنهم حتى ما قبل أيام وربما الى اليوم ما يزالون يبحثون له عن مخرج آمن يحفظ له الحصانة المجانية  التي حصل عليها بموجب مبادرته التي أسميت بالخليجية، ويحميه من أي مساءلة قادمة، لكنهم لو وجدوا التضحية بـ(زعيمهم) في سبيل الحفاظ على المصالح التي كونوها بفضل بيع ضمائرهم لديه ضرورة لا مفر منها فإنهم لن يترددوا في التضحية به، لأن التحالفات غير الشريفة وغير المحترمة لا تعترف بالضمير والنزاهة والوفاء.

الأسئلة التي يطرحها اليمنيون هي هل سيدين هؤلاء المنشقون السياسات التي اتبعها رئيس حزبهم والقائمة على الفساد والإفساد وشراء الولاءات وإلغاء الدولة وتجميد الدستور والسعي لتوريث الحكم،؟” وهل سيدينون الموقف الإجرامي والسياسات الاستعمارية التي اتبعها زعيمهم تجاه الجنوب وأبنائه وزعاماته السياسية، وهل سيعترفون بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم بحرية بعيدا عن الإكراه والإملاء؟ وهل سيعلنون إدانتهم لتسليم الدولة والحرس الجمهوري والأمن المركزي وكافة المؤسسات القضائية والإدارية والتنفيذية لجماعة المليشيات الحوثية؟ وهل سيتبرأون من فسادهم الذي مارسوه طوال تربعهم على قيادة هذا الحزب الذي انشقوا عنه؟ وهل وهل وهل؟ ؟ ؟

إذا كان الجواب نعم فإن الناس ينتظرون منهم الامتثال لهذه الـ”نعم” بأفعال تبرهن فعلا أنهم قد تغيروا عنا كانوا عليه قبل الانشقاق وأنهم قد تطهروا مما لوثهم به (الزعيم)، أما إذا كان الانشقاق مجرد هروب من سفينة صالح الغارقة والبحث عن قارب نجاة يعيدهم إلى حيث كانوا قبل عاصفة الحزم فإن اليمنيين قد فتحوا أعينهم ورأوا الحقيقة عارية كالطفل يوم تضعه أمه، وعليهم أن لا يراهنوا على مزيد من الخداع للشعب الذي شبع خداعا وزيفا وامتهانا على مدى ثلث قرن ونيف من الزمن.

برقيات:

   *   أتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة للزميلة د وهبية أحمد صبره عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني بوفاة أخيها عبد الوهاب أحمد صبره سائلا المولى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم كل أهله وذويه الصبر والسلوان و”إنا لله وإنا إليه راجعون”.