المبتزون الجدد ورثة الفساد والإتاوات : عبدالعزيز المجيدي
الأحد 6 ربيع الأول 1436ﻫ 28-12-2014م

 

دشن الحوثي “ثورته” على “الفساد” في تعز بابتزاز رأس مال وطني بحجم البيت التجاري، هائل سعيد أنعم وشركاه.

 

بواسطة مندوب “سامي” قدم من عمران يُمارَس الابتزاز الآن على أعلى مستوياته، ففيما يسرح ويمرح هذا الفتى في تعز، تستنفر الغرائز في دعوات “نكف” قبلي و”طائفي” عبر مزاعم، عن حصار تفرضه “مليشيات” محافظ تعز، شوقي هائل، على صادق أبو شوارب! (صورة المنشور المرفق).

 

ترافق أبو شوارب هذا سيارتان ونحو عشرين مسلحا من الميليشيات، يتجول أنّى شاء، وفي اي مكان، واليوم حسب علمي “مخزن” في جلسة نزهة، لدى أحد أتباع الجماعة في صبر!

 

ماذا يريد الحوثي وجماعته بالضبط؟

تريدون دخول تعز، كمليشيات، عنوة، فافعلوا، فالناس هنا لن يكون لديهم شاغل سواكم ولن تهنأوا بلحظة واحدة بدون صوت رافض أو فعالية محتجة أو مظاهرة عرمرمية ساخطة. من هنا ستبدأون رحلة العودة إلى حيث يجب أن تستقر مسيرتكم!

 

هذه أدوات تعز لمجابهتكم، إن استمرت بقايا معسكرات الجيش والأجهزة الأمنية، المناط بها مهمة حماية المحافظة وأمنها، في التعامل معكم كميليشيات “صديقة ” ومارست دور أبي رغال!

 

دعوا الحديث عن الفساد جانبا، فاللجان الشعبية التي تحمي الآن مقرات شركات أسرة صالح المنهوبة من قوت الشعب، لا يحق لها الحديث عن الفساد، فما بالك بالحديث عن رأسمال وطني مكافح، جاب العالم من مرسيليا إلى بوصاصو  وجيبوتي قافلا إلى البلاد بالمصانع والمنشآت، فاتحا باب الحياة لعشرات الآلاف من الأسر والأيدي العاملة.

 

لست بصدد الدفاع عن بيت هائل، رغم أن هناك ما يستحق الدفاع، سيما إن كانت جماعات النهب المنظم، تتحدث عن النزاهة والحفاظ على المال العام!

 

من صنعاء الى بقية المحافظات، استحوذت أسرة علي صالح على معظم المناشط التجارية، وعلى مصادر الثروة في البلد، مكونة شبكة مصالح ضخمة امتدت الى كل ماتطاله اليد.

 

تحدثت تقارير غربية في 2011 عن ثروة مقدرة بـ 70 مليار دولا نهبها صالح طيلة فترة حكمه. من صفقات وعمولات تجهيزات الحرس الجمهوري الى الأمن المركزي والأمن القومي، راكم الأبناء: يحيى محمد عبدالله صالح وأحمد علي وعمار صالح ومحمد محمد عبدالله صالح، وتوفيق صالح ثورة هائلة تعرفها بنوك خليجية وأوروبية جيدا.

 

كل تجهيزات ونفقات وزارة الدفاع إلى الداخلية، وصناديق التقاعد وصندوق الأشغال العسكرية، كان لديها طريق سالك الى خزنة صالح وعائلته وشركائه وحلفائه.

 

حتى صفقات مسدسات “كلوك” وبزّات الحرس إلى البيادات والفول، كان لأحمد علي نصيب.

 

بحسب مصادر عسكرية، تكلف قطعة المسدس الواحدة 500 دولار، لكن أحمد علي كان يحملها على وزارة الدفاع بخمسة آلاف دولار!

 

سنحتاج لحاسبات اليكترونية، لنقف على التقديرات الحقيقية لهذا النهب المنظم من قائد ” النخبة” السابق.

 

مع ذلك دعونا من الوقائع التي تأخذ الطابع المرسل. كان أحمد علي يستحوذ على مستحقات 52 ألف جندي وهمي في الحرس الجمهوري، ومثله علي محسن، وهذا ما تلاه فريق بناء الجيش والأمن على طاولات مؤتمر الحوار الوطني.

 

لم يعرف عن عائلة علي عبدالله صالح أنها مارست التجارة، ولم يقل أحد من عائلته انه عمل في “صندقة” كما فعل حميد الأحمر الذي كان تاجرا بالفعل، بغض النظر عن استغلال نفوذ والده لتحقيق مكاسب وحيازة عقود.

 

مع ذلك فاللجان “الشعبية الثورية” ربما ترابط الآن بالقرب من مقر شركة “الماز” القابضة التابعة ليحيى محمد عبدالله صالح.

 

بالطبع ربما عبر صادق أبو شوارب من جوراها، وهو في طريقه إلى تعز، للنبش في سجلات بيت هائل، ولعله أمر بتشديد حراستها حماية لمال الفندم “المناضل الأممي” يحيى.

 

تتكون شركة “الماز” القابضة من 13 شركة تنشط في مجالات متعددة من سرقة أقطان دلتا أبين إلى الاستحواذ على عقود أعمدة الكهرباء والإنارة المغشوشة، والخدمات النفطية، والسياحة والسفر ومتعلقاته!

 

مشكلة بيوت المال في تعز، بنظر الحوثي (والنهابة) انها نشأت من عرق أصحابها وكفاحهم المرير، واضطرت في أوقات كثيرة تحت ضغط سلطة الأمر الواقع الى دفع اتاوات ورشى إجبارية مقابل الحماية ورغبة في استمرار النشاط!

 

ومشكلتها في نظري انها دائما كانت تحني رأسها للعاصفة وتتعايش مع سلوكيات البلطجة، متجنبة السير في اي طريق من شأنه خلق تحول في البلد لكي تشرق شمس دولة القانون، كما يفترض برأسمال وطني حقيقي.

 

أما الفساد، فعليكم أولا، إن كنتم صادقين، الذهاب لاستعادة أموال البلاد المنهوبة حيث هي الخزنة التي تعرفونها جيدا، باعتباركم أصحاب سلطة أمر واقع.

 

بعدها تفتح جميع السجلات، لكل فساد ونهب وسرقة واختلاس وسيطرة على أموال الغير، مع أنني على يقين أنكم لا تمتلكون ربع الشجاعة التي تشهرونها الآن في وجه بيت هائل، للقول في وجه “الزعيم” حليف “المسيرة القرآنية”: وين الفلوس يا صالح!

 

رغم ان وضع الحالتين جنبا الى جنب خطأ منهجي فادح، كمن يساوي بين علي بابا قاطع الطريق الشهير في الحكايات، وقافلة شهبندر تجار تكافح لتجنب طريق اللصوص.

 

كان على ابو شوراب الذي يسخر من المبنطلين في تعز، ان يسخّر حساسيته العالية (!) تجاه الفساد والاتجاه فورا لمعاينة المشاريع التي نفذتها شركة قريبه كهلان أبو شوارب، المتعثرة منها والمنهارة، بمئات الملايين.

 

لم يحصل كهلان على تلك العقود لأنه كان الأجدر وابن “كار”، فهو لم يكن مقاولا يوما ما، ولا يعرف حتى التجارة، بل لأنه نجل مجاهد ابو شوراب ومقرب شخصيا من علي صالح!

 

الواقع، ان الحوثي قد اختار نفس المهمة القديمة للحكام السابقين، وأراد إتاواته هو الآخر.

 

قولوا إنكم تريدون أن تكونوا ورثة الإتاوات غير المشروعة وسادة الابتزاز الجديد.

 

دعوا مزاعم محاربة “الفساد” الزائفة، واخلعوا أقنعة الورع الرديئة، لتكونوا انتم كما بات اليمنيون يعرفونكم، من صعدة إلى كل منطقة وطأتها ميليشيات التفجير والنهب!

 

هذه فقط، محاولة أولية للنقاش بهذا الخصوص، ستحتاج إلى نقاشات مستفيضة وأكثر بيانا لهذه الحكاية العجيبة.

المصدر اونلاين