القاعدة الذهبية للحوار :: أحمد عثمان
الثلاثاء 18 رجب 1434ﻫ 28-5-2013م

 

بقت الأنظمة العربية المستبدة ومازال ما تبقى منها تردد مصطلحات يقصدون عكسها دائماً،فهم لا يفترون مثلا من ترديد  كلمة الحوار أمام شعوبهم مثلما يرددون كلمة التداول السلمي للسلطة ويقصدون عكسها تماماً أو بصورة أكثر دقة انتزاع توقيع على بياض من الآخر للتنازل القهري عن طريق شيء اسمه الحوار ثم اعتراف بعدل الوالي وهذا هو الطغيان أياً كان مصدره سلطة أو حزباً أو فرداً وهو طغيان مخلوط بكثير من الحقارة وقلة الحياء.

اليوم الحوار أصبح له معنى آخر لأن الناس ذهبوا إليه بفعل ثورة شعبية وإرادة جماهيرية وليس بقرار سلطوي بغية استرداد الحقوق المستلبة ولذلك أصبح الحوار منفذ حضاري يجب أن يتحول إلى ثقافة شعبية وأن لا يميّع ويخرج من سياقه الشعبي الإنساني الذي يعني الاعتراف بالآخر والإنصات إليه ومعرفة حقوقه واحترامها ثم محاولة المقاربة بين الحقوق التي قد تبدو متضاربة لكنها في الحقيقة متكاملة فيما لو اتفق المتحاورون على الشراكة والاعتراف بعيداً عن مبدأ «اشتي لحمه من كبشي واشتي كبشي يمشي ويجاعر كمان » ، ودون أن يرغب هذا الطرف أو ذاك بأن يكون الحوار عبارة عن عملية تجميل وإخراج لما يراه هو…. ؟

 إن أخطر شيء على الحوار وكل القيم الفاضلة محاولة استغلالها للوصول لأهداف خاصة ومتناقضة كمن يريد إقصاء الآخر أو انتزاع باطل عن طريق الحوار والتوقيع على هذا الاقصاء والانتزاع هنا يتحول الحوار الى وسيلة طاغوتية قذرة ويخرج من سياقه النبيل … على الناس وكل الأطراف وعلى كل المستويات ان تتقي الله وتتحاور اليوم من منطلق الشراكة والاعتراف بالآخر دون ادعاء باحتكار الحقيقة أو تمثيل الشعب، وبدون هذه القاعدة لن يكون إلا (خوارا) مؤذياً سواء كان على مستوى الدولة أو المحافظة أو المديرية أو حتى القرية والحارة.. على الناس إذا أرادت أن تفوز بالحوار وتنقذ الوطن أن تتحاور على قاعدة الحوار الذهبية المتمثلة بالاعتراف بالآخر كشريك وليس كمغفل نزيد عليه أو نسحقه ونرهقه حتى يقول «اح»ونحن نحسبها على طول بأنها «آه» ونفسرها بمعنى «نعم» سيدي، ثم نذهب نحتفل بالانتصار الواهم والقاتل… وهذه هي تراكمات الظلم التي تدمر النفوس وتخرب الأوطان …علينا أن نحذرها كما نحذر الجرب أياً كان مستوى الحوار الذي نخوضه واللبيب من اتعظ بتجارب الدهر والحكيم من اتعظ بغيره، ولكل واحد منا «غير» يجب الاتعاظ به لننجو وحتى لانكرر الأخطاء والكوارث وكأن لاعقل لنا ولاسمع ولابصر.

ahmedothman6@gmail.com

* الجمهورية