الجزيرة برس- القاهرة – سبأنت: ابوبكر عباد-أكد وزير الإعلام علي أحمد العمراني، أن المتغيرات والتحولات والمستجدات التي شهدتها المنطقة العربية بفعل ثورات الربيع العربي تستوجب الانطلاقة بالإعلام العربي نحو مستقبل مختلف، يستجيب للتحديات ويتفاعل مع المتغيرات ويلبي تطلعات الأجيال الصاعدة في الحرية والتنمية والوحدة.
وقال وزير الإعلام لدى ترأسه اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته الرابعة والأربعين التي بدأت اليوم في القاهرة :” إن الإعلام اليوم وفي المستقبل يضطلع بدور محوري في الحياة، ويمثل أهمية متزايدة في التأثير على مجريات الأحداث في كل بلد وعلى مستوى العالم.
وأضاف:” إن الإعلام لم يعد مجرد ناقل للوقائع والأخبار، بل إنه أضحى يسهم في صنعها، وقد يضفي عليها من المؤثرات ويضيف إليها من التحويرات ما يبعدها عن الحقائق وما يجنح بالمجتمعات والأوطان عن سواء السبيل”.
وأشار العمراني إلى حاجة الدول العربية إلى إعلام مهني يمارس دوره بكامل الحرية، في كشف الفساد ومناهضة الاستبداد، ويسهم بكل مسئولية في نشر قيم الحرية والألفة والتلاحم والتسامح.. منبها في ذات الوقت أن الإعلام المنفلت من الضوابط والأخلاق والقيم، يورث البغضاء ويؤجج الفتن في البلد الواحد، ويسمم العلاقات بين الشعوب والأمم.
وأبدى وزير الإعلام تفهم الجميع لتوق منطقتنا ومفكريها وفنانيها وإعلاميها إلى الحرية.. مشيرا إلى أن المنطقة قد حرمت من الحرية طويلا، وعانت من الاستبداد والكبت والقمع بكل أشكاله وأساليبه ومبرراته.
ولفت في هذا الإطار إلى أن هناك خيطا رفيعا يفصل بين بعض حقائق الحياة ومن ذلك قضية الحرية البنَّاءة والفوضى الهدامة.
وشدد العمراني بضرورة استغلال اللحظات التاريخية الفاصلة والعمل على إرساء قواعد الحرية ووضع أسسها وتشيد دعائمها وفتح أبوابها على الجهات الأربع، مطالبا في ذات الوقت بتطوير الوسائل والأساليب التي تحمي أجيالنا الصاعدة من براثن الرذيلة والضياع والهلاك والتطرف، ويحفظ أوطاننا من التناحر والتفكك والتشرذم والضعف والهوان.
وحذر وزير الإعلام من الجهات والقوى التي تتربص بأوطاننا وتنفذ من خلال التطورات التقنية والإعلامية لتحقيق مآربها الشريرة، فتبث من الرذائل المدمرة للأخلاق والقيم ولأجيال، فضلا عن المتطرفين الذين يستغلون خيبات آمال الشباب في القيادات والزعامات والمؤسسات.. وعدم يقينهم في المستقبل وما ينشدونه من حياة كريمة.
ونبه الوزير العمراني في هذا الصدد إلى أن بعض القوى الإقليمية والدولية تستغل التناقضات الداخلية والتنوعات الاجتماعية أو المذهبية أو الدينية، وأية مظالم في هذا البلد أو ذاك.. وقال:” من الملاحظ أن تلك القوى المتربصة تستغل الإعلام بكل وسائله وتطوراته، ومن ذلك دعم وتمويل إنشاء القنوات الفضائية، التي تكرس رسالتها وخطابها وبرامجها على كل ما من شأنه إنهاك شعوبنا، وإضعاف بلداننا، واضطرابها وتناحر مجتمعاتنا، وتفككها وتشرذمها”.
وسلم العمراني بأهمية وحيوية وجمال التنوع والتعدد في إطار شامل للتوحد في أقطارنا وعلى مستوى أمتنا، مبينا أن هذا تنوع يفترض أن يكون خلاقا ومبدعا ومصدر حيوية وقوة وتفاعل وتكامل يصنع الحضارة والتقدم مثلما عليه الحال في كثير من بقاع العالم.
واستدرك قائلا:” لكن هذا التنوع أصبح اليوم مصدر إرباك واضطراب وتفكك وتباعد وضعف، وصار نافذة لاستغلال المتربصين بأوطاننا من خارجها، وأضحى للمذاهب والطوائف والجهات في أوطاننا إعلامها الذي كثيرا ما يحمل بذور التباعد والعداء والكراهية تجاه آخرين من أبناء الوطن الواحد وقد يدين في الوقت نفسه بالتبعية لآخرين من خلف الحدود”.
وتابع قائلا:” إننا وإزاء كل تلك التحديات ننتظر من الإعلام والإعلاميين تركيزا خاصا على المهام الحساسة والقضايا النوعية التي تنتصب أمامنا في المرحلة القادمة، ومن ذلك قضية العدل بين كل الناس وفي كل الأحوال ودون تمييز على أي أساس كان”.. مشيرا إلى إن العدل هو الذي سيجعل شعوبنا وأمتنا متماسكة وقوية البنيان، وإن إرساء دعائم العدل في أوطاننا سيفوت على المتربصين بنا فرص النيل من وحدة واستقرار بلداننا ونهوضها المأمول.
وأشاد الوزير العمراني بالخطوات التي يتخذها مجلس التعاون لدول الخليج العربية في طريق الاتحاد مما يستحق التنويه ويبعث على الأمل.. معبرا عن الأمل في أن يشكل اتحاد دول الخليج العربية اللبنة الأساسية لتوحيد العرب جميعا إن شاء الله.
وتناول ما تعانيه فلسطين منذ أكثر من ستين عاما، وما تعانيه الصومال منذ أكثر من عشرين عاما، وما تعانيه سورية اليوم.. وقال :” نأمل أن لا يتسع الخرق على الراقع، ويكثر عدد الأقطار التي تحتاج إلى وقوفنا إلى جانبها فلا يكون إلا الخذلان والعجز مهما حسنت النوايا”.
وتطرق وزير الإعلام إلى التطورات التي شهدها وطننا اليمني بفضل الثورة الشبابية الشعبية.. وقال:” إن اليمن صابر كثيرا وهو ينشد التغيير والإصلاح، ولما تعسر ذلك، حمل الآلاف من اليمنيين أرواحهم على أكفهم ونزلوا إلى الميادين ونظموا المظاهرات السلمية وقدموا آلاف الجرحى والشهداء، وكان التغيير على نحو نظن أنه أقرب إلى ظروف اليمن”.
وأردف قائلا:” إن اليمن تمكن بحكمة وحنكة واقتدار فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وبمؤازرة الحكومة ورئيسها الأستاذ محمد سالم باسندوة وبمساندة شعبية واسعة من قيادة عملية التغيير الشامل”.
وأكد الوزير العمراني انه ورغم الصعوبات إلا أن اليمن تمكن وخلال الفترة القصيرة الماضية من التغلب على الكثير من التحديات والمخاطر، ومن ذلك تطهير محافظة أبين الهامة استراتيجيا من تنظيم القاعدة الإرهابي، مشيرا إلى تشكيل لجنة للإعداد والتحضير للحوار الوطني الشامل، واستكمالها لمرحلة الإعداد والتحضير.
وأوضح الوزير العمراني انه من المرتقب أن يحدد الأخ رئيس الجمهورية موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي نتوخى أن تشارك فيه جميع الأطراف المعنية بمن فيهم الشباب والنساء، مبينا الأهمية الحيوية لمؤتمر الحوار الذي ستطرح فيه كل القضايا على طاولة الحوار بحرية كاملة ودون قيود أو شروط.
واستطرد قائلا :”إن اليمنيين يأملون أن يتمخض عن مؤتمر الحوار الوطني، الذي سيستمر ستة أشهر، معالجات وحلول لكل القضايا والمعضلات التي يعاني منها اليمن، ويسفر عن صياغة دستور تتأسس بموجبه دولة المستقبل التي تجسد تطلعات اليمنيين”.
وكان وزير الإعلام علي أحمد العمراني تسلم رئاسة الدورة الحالية لمجلس وزراء الإعلام العرب، من سلفه وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان بالجمهورية الإسلامية الموريتانية حمدي ولد محجوب رئيس الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء الإعلام العرب