الجزيرة برس-من ستيفن كالين وبابك دهقان بيشه -شرقي وشمالي الموصل (العراق) (رويترز) – قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الخميس إن الحملة لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية تجري بسرعة أكبر من الخطة المعدة فيما شنت القوات العراقية والكردية عملية عسكرية جديدة لتطهير القرى الواقعة على مشارف المدينة.
وقال مراسلون لرويترز في موقعين على خط الجبهة شمالي وشرقي الموصل إن إطلاق نيران مدافع الهاوتزر والمورتر بدأ عند الفجر مستهدفة مجموعة من القرى يسيطر عليها مقاتلو الدولة الاسلامية على بعد حوالي عشرة كيلومترات إلى 20 كيلومترا من الموصل بينما حلقت طائرات الهليكوبتر.
ووسط أصوات اسلحة آلية وانفجارات تحركت عشرات من عربات الهمفي السوداء التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي والمزودة بمدافع آلية باتجاه برطلة وهي الهدف الرئيسي للهجوم على الجبهة الشرقية وسط نيران المدافع الآلية والانفجارات. وبرطلة قرية مسيحية فر سكانها بعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة.
وقال قيادي بجهاز مكافحة الإرهاب إن المتشددين يستخدمون سيارات ملغومة في عمليات انتحارية ويزرعون قنابل على الطرق ويستخدمون القناصة في محاولة لصد الهجوم ويقصفون المناطق المجاورة بقذائف المورتر.
وبعد ذلك بساعات قال الفريق الركن طالب شغاتي قائد القوات الخاصة العراقية للصحفيين في مركز القيادة قرب جبهة القتال إن القوات طوقت برطلة ودخلت إلى وسط القرية. وأضاف أن جنديين أصيبا بينما لم يقتل أحد من القوات التي تمكنت من قتل 15 متشددا على الأقل.
وأضاف أن الموصل هي الهدف التالي بعد برطلة.
وغطت سحابة دخان أسود بعض القرى على الخطوط الأمامية نتجت على الأرجح عن حرائق نفطية وهو تكتيك يستخدمه المتشددون لمراوغة طائرات الاستطلاع.
ونقل التلفزيون العراقي الرسمي في وقت لاحق عن متحدث باسم جهاز مكافحة الارهاب قوله إن حوالي 80 متمردا قتلوا في القتال في برطلة وجرى تدمير 11 سيارة ملغومة كانت معدة لشن هجمات انتحارية.
وقال التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في بيان إن عسكريا أمريكيا قتل أيضا اليوم الخميس متأثرا بجروحه التي أصيب بها في انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع في شمال العراق.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية طلب عدم ذكر اسمه إن الحادث وقع قرب مدينة الموصل في شمال العراق.
وقال مسؤولون إن نحو 5000 جندي أمريكي موجودون في العراق منهم أكثر من مئة يقدمون المشورة لقادة القوات العراقية وقوات البشمركة المشتركة في هجوم الموصل.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الخميس إن القتال حول مدينة الموصل العراقية أجبر 5640 شخصا على الفرار من منازلهم في الأيام الثلاثة الماضية أغلبهم في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة.
*أسرع مما اعتقدنا
قال العبادي لمسؤولين كبار مجتمعين في باريس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة “القوات المقاتلة تتقدم نحو المدينة أفضل من الجدول الذي أعددناه والجدول الزمني الذي افترضناه قبل بداية الهجوم.”
ونفى تنظيم الدولة الاسلامية تقدم قوات الحكومة. وتحت عنوان “بداية خائبة للحملة الصليبية على نينوى” قالت الطبعة الالكترونية لصحيفة النبأ التي يصدرها التنظيم إن مقاتليه صدوا الهجمات على جميع الجبهات وقتلوا العشرات في أكمنة وهجمات انتحارية ودمروا عشرات المركبات من بينها ثلاث دبابات.
ويقدم تحالف تقوده الولايات المتحدة ويضم فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا ودولا غربية أخرى دعما جويا وبريا للقوات التي تتقدم صوب المدينة في العملية التي بدأت يوم الاثنين.
والموصل هي آخر مدينة كبيرة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وهي أكبر خمس مرات تقريبا من حجم أي مدينة أخرى سيطر عليها التنظيم. ومن المتوقع أن تكون هذه أكبر معركة يشهدها العراق منذ الغزو الذي قادته واشنطن عام 2003.
وتقول الأمم المتحدة إن الموصل قد تحتاج إلى أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم مع توقع أسوأ سيناريو نزوح أكثر من مليون شخص بسبب المعركة.
ومن المعتقد أن نحو 1.5 مليون شخص لا يزالون يعيشون في المدينة ولدى تنظيم الدولة الإسلامية سوابق في استخدام المدنيين كدروع بشرية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو إنه يجري وضع نقاط تفتيش للتحقق من أن المتشددين لا يحاولون الاندساس بين الفارين من الموصل.
*قنابل وخنادق وأنفاق
على الجبهة الشمالية أسقطت مدافع قوات البشمركة الكردية طائرة بدون طيار كانت قادمة من جهة خطوط الدولة الإسلامية. ولم يتضح ما إذا كانت الطائرة التي يتراوح عرضها بين متر ومترين كانت تحمل متفجرات أم أنها كانت في مهمة استطلاع.
وقال هلجورد حسن أحد المقاتلين الأكراد الموجودين في موقع يطل على سهول شمالي الموصل “كانت هناك أحيان أسقطت فيها متفجرات.”
وضبط علي عوني وهو ضابط كردي موجة جهاز لاستقبال الإشارات اللاسلكية على تردد تستخدمه الدولة الإسلامية وقال “إنهم يحددون أهدافا لقذائفهم المورتر.”
وأضاف “تحرير الموصل مهم من أجل أمن كردستان… علينا أن نحاربهم فكريا أيضا كي نهزم أيديولوجيتهم.”
وحتى الآن تقدمت القوات الكردية عبر قرى خارج المدينة وعثرت على منازل مهجورة ملغمة بالمتفجرات وخنادق تحت الأرض. وفي بعض الحالات بدا أن مقاتلي الدولة الإسلامية فروا دون قتال.
وقال أحمد مدحت عبد الله -وهو أحد جنود البشمركة في قرية ناوران شمالي الموصل وهي منطقة يتقدم فيها رتل من العربات المدرعة التابعة للأكراد- لرويترز إنهم لم يواجهوا مقاومة وإن عناصر الدولة الإسلامية تتراجع إلى داخل الموصل وإلى سوريا.
وقالت القيادة العسكرية العامة الكردية في بيان إن الهدف هو تطهير عدد من القرى القريبة والسيطرة على مناطق استراتيجية لتقييد تحركات مقاتلي الدولة الإسلامية.
*مقاتلون شيعة
المنطقة المحيطة بالموصل من أكثر المناطق المتنوعة عرقيا ودينيا في العراق وأبدت الدول الغربية التي تساند العملية قلقها من ألا تشعر المجتمعات المختلفة بالأمان لدى تقدم القوات الحكومية وتأمل في تجنب وقوع هجمات انتقامية أو أعمال عنف عرقية أو طائفية اثناء طرد مقاتلي الدولة الاسلامية.
وسعى الحلفاء الغربيون إلى الحد من دور المقاتلين الشيعة المعروفين باسم قوات الحشد الشعبي في العملية. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن تلك القوات نفذت أعمال قتل وخطف للسنة في مناطق أخرى تم تحريرها من سيطرة الدولة الإسلامية.
وبعد اجتماع باريس قدم وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري تطمينات قائلا إن ما يقال عن تصرفات قوات الحشد الشعبي ليس صحيحا وإنها حاليا جزء من القوات العراقية وسيتم حلها فيما بعد.
وقال العبادي إن التقدم نحو الموصل أظهر أن العراقيين من مختلف الطوائف يمكنهم القتال في قضية مشتركة. واضاف قائلا “لأول مرة في تاريخ العراق تقاتل قوات البشمركة مع القوات الاتحادية العراقية جنبا إلى جنب بتعاون وتنسيق كاملين… ويشتركان معا في تحرير الأراضي وفي حماية السكان المدنيين ..ولأول مرة منذ 25 عاما تدخل قوات اتحادية عراقية إلى إقليم كردستان بموافقة الإقليم وبالتعاون الكامل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.”
وقال العبادي “هذه القوات … تغيرت بالكامل وأصبحت تشتمل على كل العراقيين ويقاتلون جنبا إلى جنب .. والوحدة العراقية اليوم على أشدها والعراق اليوم أقرب من أي وقت من التوحد والعزيمة على تطهير هذه الأرض.”
ومضى قائلا “إن الذي يقاتل على الأرض العراقية هي قوات أمنية عراقية فقط وأي قوات أجنبية موجودة على الأرض ليست قوات مقاتلة بل قوات مساندة.”
ونشر تنظيم الدولة الإسلامية تسجيلا مصورا يظهر مقاتلين ملثمين يسيرون في طابور في شارع أثناء الليل تحت غطاء من الأشجار في حين تعهد رجل لم تعرف هويته يبدو أنه قائدهم بهزيمة الولايات المتحدة في العراق.
ويأمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تعزيز إرثه باستعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي من التنظيم المتشدد قبل أن يترك السلطة في يناير كانون الثاني.
وقال أوباما يوم الثلاثاء إن تنظيم الدولة الإسلامية “سيهزم في الموصل” متوقعا أن تكون المعركة صعبة.
ويقول مسؤولون عراقيون وسكان من الموصل إن التنظيم يمنع الناس من مغادرة المدينة وإنه يستخدمهم كدروع بشرية لتعقيد الضربات الجوية والتقدم البري للقوات المهاجمة