الصراع العربي الفارسي هو صراع قومي وثقافي، وهو مستمر من قبل الإسلام.
والمذهبية والطائفية هي مجرد أدوات ووسيلة لا غاية، تستخدمها إيران لتحقيق أهدافها. إيران حاولت السيطرة على المنطقة العربية عبر التدخل العسكري المباشر، إلا أنها تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والمعدات في العراق في الثمانينيات من القرن الماضي، وبالتالي أعتمدت سياسة جديدة لها عبر الغزو الغير مباشر، وذلك بتبنى لها أذرع محلية داخل الدول العربية ودعمهم وتدريبهم، وشحنهم بالطائفية والمذهبية، لإحداث تدمير داخلي ممنهج. وأعتمدت المذهبية والطائفية كأدوات رئيسية لها في تنفيذ أجنداتها في المنطقة العربية، لمعرفتها أن العرب عاطفيين ومشدودين الى الماضي، وسريعي التأثر بالدين بفهم غير عميق وغير صحيح في مجمله. وفعلاً أستطاعت التأثير السلبي في كثير من الدول، وتنظيم وترسيخ الفوضى فيها. ووجدت حكوماتنا نفسها تتعاطى وتغوص وتغرق في نتائج الأحداث الموجهه ضدها، ولم تلتفت الى أسبابها، وبالتالي ظلت تعالج النتائج على حساب الداء والجذر والسبب. وظلت تضيع الجهد والوقت والمال في مواجهة أدوات المشروع الإيراني ووكلاءها؛ وأستمرت في صراع دائم مع نتائج وإفرازات ومفاعليل سياساتها تجاهنا.
من يقول أن الحل لتوقيف عبث إيران في منطقتنا هو عبر إجراء حوار سعودي إيراني، حول القضايا المذهبية محل الأختلاف هو واهم ومخطئ. فالصراع هو صراع دنيوي لا أخروي، ويتعلق بالقومية والثقافة والسيطرة والرئاسة والإقتصاد والتجارة والطاقة في المنطقة.
والحل حسب أعتقادي هو في صياغة إستراتيجية عربية موحدة، لمواجهة إيران ثقافياً وإقتصادياً وعلمياً. ودعم معارضة إيران لوجستياً ومادياً؛ وتوفير لهم مظلة سياسية ودبلوماسية وإعلامية في المنابر الدولية، لتغيير النظام الإيراني من الداخل، وإيقاظ القوة الناعمة داخل المجتمع الإيراني، ومتى ماوصلت قوى سياسية مدنية الى سدة الحكم في طهران، هي من ستقود دفة التغيير الإيجابي فيها. فالشعب الإيراني هو شعب حضاري ولا يؤمن بسياسات حكامه اليوم.
كذلك من الخطأ مواجهة تطرف وطائفية ومذهبية إيران بنفس تلك الأدوات، لأننا سنخدم مشروعهم بأيدينا وأموالنا عبر خلق جيل سني متطرف. والتطرف والغلو والتمترس وراء الأفكار والقضايا الخلافية يؤدي الى تدمير المجتمعات لا بنائها، وهذا يصب في ماتريده إيران لنا ولمجتمعاتنا. وفي الأخير هي لا تهتم كوننا سنة أو شيعة بقدر ما يهمها زرع الفوضى في مجتمعاتنا ليسهل لها السيطرة عليها. نحن في حرب مفتوحة مع إيران؛ ولن تنتهي تلك الحرب إلا بتغيير معالم منطقتنا كما يريد له حكامها؛ أو تتغير المعادلة السياسية في طهران لصالح قوى معتدلة.
اليوم الصراخ والألم في خمس دول عربية؛ ومرشح العدد للتزايد.
اليوم المنطقة العربية وخصوصاً الخليج، أمام طريقين لا ثالث لها؛ إما النهوض أو السقوط.
ودمتم بخير وأمن وأمان وسلم وسلام.