أجمع العالم على ضرورة البدء في مؤتمر الحوار الوطني ودخول جميع الأطراف السياسية اليمنية فيه وطرح جميع الرؤى والأفكار أياً كانت على طاولة الحوار كمخرج وحيد لخروج اليمن من أزماته المعقدة، يدل على ذلك اجتماع مجلس الأمن بصنعاء الذي أرسل رسالة مفادها أن العالم سيقوم بإجراءات عقابية رادعة لكل من يُعرقل نجاح هذا المؤتمر.
وهنا تبرز أسئلة كثيرة لابد من الإجابة عليها، منها: هل هناك مشروع لدى مجلس الأمن يرغب في تمريره داخل مؤتمر الحوار؟
أم أن مجلس الأمن يرغب في أن يخرج اليمنيون من هذا المؤتمر بمشروع خاص بهم يحل مشكلاتهم ويوضح طريق مستقبل بلادهم؟ هل هناك مشروع مرسوم مسبقاً يدخل أطراف الحوار لمناقشته؟ أم أن لكل طرف مشروعاً خاصاً به يريد عرضه على المؤتمر ؟ وهل هناك سقف للحوار ؟ وهل هناك استعداد من كل طرف للتنازل للأطراف الأخرى من أجل اليمن؟ ثم هل هناك اتفاق دولي إقليمي على مستقبل اليمن ؟ وهل للأحداث الجارية حالياً في العالم العربي تأثير على نجاح المؤتمر ؟ ثم ماذا لو اختلف اليمنيون في مؤتمرالحوار ؟ وماذا لو أن بعض الأطراف قرر الانسحاب من المؤتمر في الجلسات الأولى؟ وهل هناك مشروعات (سرية) ستقدم للمؤتمر؟
وإلى أي مدى يمكن للمجتمع الدولي والأقليمي أن يوافق على الفيدرالية؟ أو الانفصال؟
هل هناك وعود ( سرية ) لأطراف معينة بدعم مواقفهم في الحوار؟
وللإجابة على كل تلك الأسئلة وغيرها دعونا نتوقع أن يواجه مؤتمر الحوار أحد السيناريوهات التالية:
السيناريو الأول: ويتوقع منه وجود مشروع دولي وأقليمي جاهز لطرحه على مؤتمر الحوار أعده خبراء دوليون يُعالج مشكلات اليمن ويرضي جميع الأطراف. ويتطلب نجاح هذا المشروع شروطاً كثيره أهمها:
مدى قدرته على حصول إجماع حوله . ومدى مراعاته للمصالح الدولية الإقليمية واليمنية. ومدى جدية أصحاب المشروع بدعمه سياسياً واقتصادياً بعد قبوله في المؤتمر.
السيناريو الثاني : ويتوقع منه ان يكون هناك مشروع وطني أعدته لجنة الحوار لعرضه على مؤتمر الحوار للنقاش أو الحذف أو التعديل ، ويتوقع أن لايوافق عليه بعض الأطراف على الرغم من موافقة الأغلبية عليه.
ولهذا السيناريو بعض التداعيات منها:ـ ثقل الاطراف الرافضة وما لديها من أوراق. وكيف سيتم مواجهتها أو إرغامها على الموافقة على الإجماع ومدى جدية المجتمع الدولي على فرض عقوبات عليها.
السيناريو الثالث: ونتوقع فيه عدم وجود مشروع دولي وإقليمي يطرح في المؤتمر وسيترك الحرية لليمنيين أنفسهم لخلق مشروعهم الخاص بهم وسيبقى دور المجتمع الدولي والإقليمي كمشرف أو موجه وداعم فقط.
ولهذا السيناريو مجموعة من الأخطار أهمها:ـ عدم توصل اليمنيين إلى نقاط مشتركة ترضي جميع الأطراف ، وبتشدد كل طرف برؤيته وعدم تقديم تنازلات ، وانسحاب بعض الأطراف من المؤتمر في وقت مبكر ، وعودة الأمور إلى المربع الأول ، وعدم جدية المجتمع الدولي بفرض عقوبات على الأطراف المتشددة.
السيناريو الرابع : ويتوقع فيه أن يتفق اليمنيون في مؤتمر الحوار على شكل النظام السياسي ومستقبل الوطن سواء كان فيدراليا أو كونفدرالياً ، أو حكم محلي واسع الصلاحيات ، وهذا السيناريو سيكون له تداعيات إيجابية أهمها : خروج المجتمع من أزمته ، التأكيد على أن اليمنيين هم أهل الحكمة وأنهم جعلوا مصلحة اليمن فوق كل اعتبار، البدء ببناء أسس الدوله المدنية الحديثة.
خلاصة القول:
إنه على الرغم من أن السيناريوهات السابقة تتأرجح بين السيناريو المتشائم والحذر والمتفائل إلا أننا نأمل وندعو المتحاورين إلى التمسك بآداب الحوار وقبول الآراء ومناقشتها بهدوء وحكمة دون تعصب أو تشدد أو إلغاء الآخر وتخوينه وتكفيره، وأن يكون عندهم الصبر والتحمل والعفو والمسامحة .. حتى يصلوا في النهاية إلى أهداف وغايات مشتركة ومتفق عليها ومشروع يرسم مستقبل اليمن المشرق ، مشروع عظيم تندرج داخله المشاريع الصغيرة حتى نثبت للعالم من حولنا أننا عظماء .. وحكماء .. من أجل خلق يمن جديد .. نكون عظماء بعظمته وحتى يكتب التاريخ الحديث سجلاً ناصعاً بأسماء المتحاورين وعظمتهم مخلداً تلك المواقف العظيمة للأجيال اليمنية القادمة.