السلم الاجتماعي في خطر : محمد العريقي
الأربعاء 8 ربيع الثاني 1436ﻫ 28-1-2015م

 

حتى وقت قريب كان اللعب على الساحة السياسية مقتصرا على المهتمين بالشأن الحزبي والسياسي والإعلامي، ولم يكن هناك مخاوف من الاختلافات والتباينات طالما ظلت في الإطار السلمي كما هو معمول في المجتمعات الديمقراطية، ويظل المواطن العادي يمارس حياته اليومية دون التفاتة أو اهتمام بما يدور، وإذا كان هناك من يتابع، فذلك لمعرفة التفاعلات التي تتم وانعكاساتها على التحالفات السياسية، والتأثيرات على الأوضاع الاقتصادية.

* أما الآن فالوضع اختلف، فقد برزت مؤخرا ملامح للخروج عن قواعد اللعبة السياسية، إلى مربعات العنف السياسي والاجتماعي، بأشكال وأدوات صراعية مرعبة، الخطورة في ذلك استقطاب المواطن العادي واستخدامه كأداة في هذا الصراع، مع تنامي مصطلحات جهوية ومذهبية لم نكن نسمعها من سابق، فالشعب اليمني متعايش على الدوام، بدون أن يعرف أو تخطر في باله مثل هذه المصطلحات .

* صارت النقاشات تتسم بالحدية والجدل العصبوي، وابتعد الناس عن مناقشة شؤون حياتهم وفق الرأي والرأي الآخر، والملاحظ أن هنا خطاب بلغة عنيفة، وأعصاب مشدودة، لم تتح للعقل أن يتقدم بالتشخيص الموضوعي لما يحدث واستنتاج الحلول الواقعية التي تحفظ الوحدة الوطنية .

* إن خطورة ما يحدث يهدد النسيج الاجتماعي ويهز من الثقة فيما بين أبناء الوطن الواحد، والخوف أكثر أن تستخدم مصطلحات التمزيق والشتات، وفي مثل هكذا تداعيات فالمتضرر الأول هو الوطن والشعب اليمني، والمستفيد هو الإرهاب بالدرجة الأولى، فلن يستطيع اليمن محاربة الإرهاب والوضع بهذا الشكل من التعقيد.

* إذا كان هناك من يعتقد أنه سيفرض رؤيته بأي طريقة، فإن ثمن ذلك سيكون مكلفاً على الشعب اليمني وأمنه واستقراره وتماسكه، وسلمه الاجتماعي، وثوابته الوطنية، لابد في هذه اللحظة من تحكيم العقل، وأعتقد أنه لا يقبل أي طرف أن يكون سبباً في تشتيت وتمزيق اليمن، وتعريض السلم الاجتماعي للخطر.

* إن الأمور خطيرة وهذا ما يجمع عليه كل المراقبين داخلياً وخارجياً، ومع ذلك لايزال هناك أمل كبير، لاستحضار الحكمة اليمانية، لإخراج البلاد من هذه المعضلة العويصة، وهذا يتطلب إجراءات عقلانية، والتخلي عن كل ما يزيد من حدة التوتر، ومن أجل الوطن ليس هناك مهزوم، ومن يريد مكاسب على حساب البلاد، فليس بالمنتصر.

* على الجميع مراجعة مواقفهم، ويقفون بكل صدق وأمانة أمام الله والضمير ليراجعوا ويقيموا كل أفعالهم، وما تخفي أنفسهم، وما ترمي نواياهم، ويقدرون ما إذا كان لهذه الأعمال والتصرفات أن تكون سببا في تمزيق البلاد والسلم الاجتماعي، فعليهم أن يتقوا الله، ويعود إلى جادة الصواب، حفاظا على دماء اليمنيين، وأمن واستقرار هذا الوطن، اللهم بلغت اللهم فاشهد .

“الثورة”