السعودية على خطى إسرائيل بالجدران العنصرية! محمد رشاد عبيد
السبت 1 رجب 1434ﻫ 11-5-2013م

 


الجزيرة برس- نشعر بالأسى والحزن، ونحن نسمع ونشاهد يومياً، وخلال الأيام القليلة الماضية، تنامي الممارسات اللا إنسانية من قبل السلطات السعودية تجاه المواطنين والمغتربين اليمنيين، في المملكة العربية السعودية في الوقت نفسه، تارة باستعبادهم بنظام الكفيل المهين، ودفع اليمنيين لكفلائهم أو أرباب العمل السعوديين مبالغ مالية شهرية، تصل في بعض الحالات إلى 1000 ريال سعودي، و8000 الآف ريال سعودي مقابل نقل تلك الكفالات، وتعرضهم للجلد والضرب الشديد بالعقالات وعصي الخيزران، ووسائل تعذيب شتى، في السجون والمخافر الأمنية السعودية، أو الموت في نهاية المطاف كذلك بصورة شبه أسبوعية إن لم تكن يومية، برصاص قوات حرس الحدود السعودية،    
وإصدار وزارة العمل السعودية مؤخراً لقانون العمل السعودي الجديد، يقضي بطرد قرابة ٢٠٠الف عامل يمني من المقيمين الشرعيين في السعودية وإعطائهم مهلة بعد ضغوطٍ شعبية ورسمية يمنية، 3أشهر لنقل كفالاتهم إلى أرباب عمل آخرين، حتى ولو فعلوا ذلك قبل صدور ذلك القانون بأيام، أو إحلال بدلاً عنهم موظفيين سعوديين..ضاربة بكل أواصر الأخوة والجوار عرض الحائط، في وقت تحتاج المرحلة الانتقالية في اليمن، للاستقرار بكل المقاييس السياسية والأمنية والاقتصادية.. ناهيك عن أن المملكة العربية السعودية بدأت بتشييد جدار فاصل على حدودها مع اليمن قبل أكثر من أسبوعين، والذي تقول إن الهدف منه إيقاف عمليات تهريب البشر والسلاح والمخدرات. حسب مصدر عسكري سعودي.. فيما قالت بعض المصادر أن السعودية كانت بدأت في بناءه أضافة إلي خنادق خائرة وأسلاك شائكة وكهربائية، على حدودها مع اليمن، في العام ٢٠٠٧، لكنها توقفت عن ذلك بعد تدخلات يمنية من القيادة اليمنية، وتعاون أمني سعودي يمني مشترك على حدود البلدين، في عهد الرئيس اليمني السابق علي صالح.
 نفهم أن من حق السعودية توفير حلول أقتصادية ناجعه، لمكافحة البطالة في أوساط شبابها ومواطنيها السعوديين، والتي تقدر بحوالي ٢مليون عاطل سعودي، والاستجابة لدعوات الاصلاح والتماس حاجة الشباب والجامعيين السعوديين من الوظائف في سوق العمل، وأنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أي موجة غضب شعبي واسعة، ربما لن تكون ربيع سعودي وإنما تسونامي سعودي، حذر منه كثير من المشائخ ورجال الدين في السعودية، أبرزهم الشيخ طارق السويدان. يجب أن يأتي ذلك عبر حلول أقتصادية حقيقة وفق خطط مدروسة، وما لا نفهمه أن يأتي ذلك على حساب العمالة اليمنية، وتحميلها أكثر مما تحتمل، ثم إن ٢٠٠ الف وظيفة سيحرم منها العمال اليمنيين، هذا إذا سلمنا أن المواطنيين السعوديين يقبلون بالوظائف والأعمال المهنيئة الشاقة، التي يعمل بها نظرائهم اليمنيين، معظمهم إما أميون أو من الحاصلين على مؤهلات إعدادية أو ثانوية، مثل : النجارة والحدادة والبناء، طلاء المنازل والموبيليا.. ونحوها، لن تحل مشكلة مليوني عاطل سعودي من حملة الشهادات الجامعية، معظمهم يفضلون العمل في مكاتب مؤسسات وشركات ، خصوصاً ذوي التخصصات الهندسية والإنسانية، فقد لاحظت الكثير من الجامعيين السعوديين، الذين درست معهم وكنت لسيقاً بهم.. ومدى أرتفاع طموحاتهم وتطلعاتهم.. بل على العكس تماماً، ربما قد تعطي نتائج عكسية تماماً، بحيث توحي أن القيادة السعودية لا تبحث عن حلول جادة لمشكلات الشباب السعودي، وإنما تريد أمتصاص غضبه، وتقليصه إلي أدني المستويات.. ولذلك لا نستبعد أن يخرج الشباب السعودي برمته عن صمته، وليس الطائفي والشيعي منه في مختلف مدن ومناطق المملكة ضد الاسرة الحاكمة والقيادة السعودية في المستقبل القريب، وباعتقادنا كصحافيين ربما ينفجر التسونامي السعودي من حدودها مع اليمن، وخصوصاً مناطق الجنوب السعودي، التي معضمها كانت أراضي ومدن يمنية قبل اتفاق الطائف الحدودي بين السعودية واليمن، مثل جيزان وعسير ونجران، ويعاني أهاليها من تدني خدمات البنى التحتية ومجاري السيول  والصرف الصحي، ويعيش غالبيتهم وخصوصاً بجيزان وجوارها بعشش صفيح وقرابة مليون إنسان سعودي فقير يقطنوها، ويرجع أصول غالبيتهم إلى اليمن، وليس فقط زوجاتهم أو علاقات المصاهرة مع اليمنيين، ولانعتقد أنهم سيوافقون أن تعزلهم القيادة السعودية بجدار فصلٍ عنصري عن أهلهم وما أكثرهم في اليمن، وفي عصر سقطت فيها الجداران، عدا جدران دولة الإحتلال العبرية العنصرية في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة .. فمعظم من قاد ثورات الربيع العربي كانوا هم الشباب والجامعيين العاطلين. ولذا نصيحتنا للقيادة السعودية أن تتراجع عن ذلك القانون المجحف، والغير إنساني، ليس بحق العمالة اليمنية فحسب بل العمالة الآسيوية والأفريقية على وجه العموم،فلا يعقل أن تضيع حقوق المغترب اليمني والاسيوي، وتضيع مستحقاتهم المالية ورواتبهم أو نصفها على الاقل، وتذهب إلي جيوب حفنة من أرباب العمل (الكفلاء السعوديين) المتسلطين الفاسدين، بدون وجه حق، شهرياً أو سنوياً أو حتى كل عام أو عامين بإجبارهم على نقل كفالتهم لأرباب سعوديين آخرين يكونون أكثر أو أقل تسلطاً.
قد يقول قائل أن تزامن بناء السلطات السعودية  ذاك الجدار على حدودها مع اليمن في جهة كلاً من حضرموت, وعلى الحدود مع الجوف وصعدة اليمنية، مع إصدارها قانون العمل السعودي الجديد، المجحف بحق المعتربين اليمنيين والعمالة اليمنية، يأتي من تخوفها من تنامي الحوثيين في محيط صعدة وعاهم بحجة الحدودية مع السعودية، وتزايد الدعم الإيراني الشيعي لجماعة عبد الملك الحوثي الزيدية الشيعية، وربما يفيد التذكير “أن الجيش وسلاح الجو السعوديان حاربا الحوثيين في صعدة وجبل الدخان.. وعلى الحدود السعودية في العام 2009، لمدة شهران و14 يوماً، وخرجا مهزومين، بعد مقتل المئات من جنوده، وأسر 170 جندي سعودي(أفرج عنهم بمفاوضات ووساطة قبلية مع عبد الملك الحوثي، قدمت السعودية بعض التنازلات من أجل نجاحها) على أيدي رجال ومسلحي جماعة الحوثي الذي كان غالبيتهم دون سن 18)” وذلك يهدد أستقرار النظام السعودي وأمن السعودية، ومنابعها النفطية، وذلك من حقها، ونحن نقول من حق السعودية أن تحافظ على أمنها وحدودها، ولكن ليس من حقها طرد يمنيين مقيمينَ إقامة شرعية، وإخراجهم من وظائفهم أو أشغالهم، فقط لأنهم قبلوا أن يعملوا وفق نظام الكفالة العبودية المهينة في المدن السعودية.. وليس لهم أي أنتماءات شيعية أو طائفية للأسف الشديد.
ولذلك على القيادة السعودية أن تعي أن جدار الكراهية بين الشعبين اليمني والسعودي الشقيقين، الذي تحتاج إلى بداية العام القادم لأستكماله في حدود السعودية مع اليمن، لن يوفر لها الأمن بصورة كاملة مثلما تعتقد، هذا إذا سمحت القبائل اليمنية المسلحة ببناءه وعلى رأسها قبائل الجوف وأشرسها قبيلة وائلة، حيث تدخلت عشرات الألآف من رجالها الأصلاب، ومنعت عمال شركة عالمية لم يذكر أسمها، المسؤولة حسب بعض المصادر الصحافية السعودية، عن بناء الجدار السعودي العنصري،وشركة الوليد بن طلال من شق طريق صحراوي على الحدود مع محافظة الجوف اليمنية، التي خصصت حسب اتفاق الطائف لرعي المواشي بين أبناء الشعبين اليمني والسعودي، وهذا خرقٌ واضح لذلك الأتفاق قبل أكثر من أسبوعين، ولازال العمل متوقف بالجدار حتى ساعة كتابة هذه السطور، ولكن السلطات السعودية قالت أنها لن تتردد في استمرار بناءه.
 المشكلة ليست في بناء جدارٍ عازل على الحدود السعودية مع اليمن من عدمه، ومدى طول الحدود اليمنية مع السعودية 2500كم2، وإنما في بعض رجال الأمن السعودي الذين يتساهلون مع المهربين اليمنيين والسعوديين على حد سواء، سواء مهربي المخدرات أو الأشخاص المتسللين عبر المنافذ المشتركة بين البلدين، وتقاضيهم أي رجال الأمن السعودي رشوات مادية، وهذا ما لا تريد القيادة السعودية الأعتراف به.
ولذلك بناء الجدار مع حدوها مع اليمن، وفي عصر سقوط الجداران العنصرية،سيخلق حالة عداء  غير مسبوقة بين الشعبين والجارين السعودي واليمني، وقد بدأت على مواقع التواصل الإجتماعي مثل فيس بوك، وهذا ما لا نتمناه ونحن يمنيين ولدنا في السعودية، وخضعنا للقاحات الأولية ونحن رضع في عياداتها وعلى أيدي أطباءها السعوديين الطيبين في مدينة خميس مشيط، لا ننكر أخوة وكرم وحب الكثير من أبناء الشعب السعودي لأخوانهم اليمنيين، ولازلت أتذكر زملاء دراسة وأصدقاء دبلوماسيين سعوديين، كانوا قمة في الأخلاق والطيبة وحب اليمن..إن لم يتسبب في حدوث أزمة دبلوماسية تتطور يوماً بعد آخر، بين القيادتين اليمنية والسعودية، ولن توفر في المقابل الأمن والأستقرار للسعودية، وحتى على حدودها مع اليمن، وربما يفيد التذكير أنه في العام 2005أقامت مصر بعهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك،سوراً حول مدينة شرم الشيخ السياحية، لمنع البدو المصريين من الدخول إليها، مما أدى تفجير ضخم بالسور، أسفر عن مصرع 100شخص، وأصابة 500 آخرين، من المصريين والسياح المتواجدين في تلك المنطقة، ونحن لا نتمنى ذلك للشقيقة السعودية، ولا للأبرياء في حدود البلدين.
* صحافي يمني