الحكومة المصرية الجديدة وتحديات المرحلة الانتقالية وعودة الامن وانعاش الاقتصاد
الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435ﻫ 4-3-2014م

 

صنعاء ـ سبأنت: مرزاح العسل كشف رئيس الوزراء المصري الجديد المهندس إبراهيم محلب بأن حكومته ستبدأ من اليوم الأول لتشكيلها في تنفيذ ثلاثة تكليفات أساسية للرئيس، تتضمن الاستقرار الأمني، ومواجهة الإرهاب، وتنفيذ خريطة المستقبل واستحقاقاتها بكفاءة ودقة، وتشمل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وأوضح محلب أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً عالمياً ويتوقع أن يكون غدا الاثنين، لشرح برنامج الحكومة وتكليفات الرئيس وخطط وآليات العمل، على ان يعقد المجلس أول اجتماع له في نهاية الأسبوع، لبحث عدد من الملفات.

وضمت الحكومة الجديدة التي أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس المؤقت عدلي منصور أمس، في مجملها 33 عضواً بمن فيهم رئيسها، من بينهم 13 وزيراً جديداً.

وكان الرئيس المصري المؤقت قد كلَّف، الثلاثاء الماضي، محلب وزير الإسكان في حكومة حازم الببلاوي التي استقالت الاثنين الماضي، بتشكيل حكومة جديدة.

وأكد محلب عقب تكليفه أن تحقيق الأمن وتحسين مستوى معيشة المواطنين ومواجهة الفساد والبيروقراطية ستكون على رأس أولويات حكومته.

وستشرف الحكومة الجديدة على الانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها في غضون ثلاثة أشهر تنفيذاً لخريطة الطريق التي أعلنها الجيش في أعقاب الإطاحة بمرسي في يوليو الماضي.

وينتظر أن تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية موعد إجراء هذه الانتخابات في غضون ثلاثة أسابيع بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية.

وأرسلت الرئاسة المصرية مشروع قانون الانتخابات إلى مجلس الدولة لمراجعة مدى تطابقه مع الدستور الجديد الذي صدر الشهر الماضي وينتظر أن ينتهي من مراجعته في غضون أسبوعين.

وحتى اللحظة لم يعلن المشير عبد الفتاح السيسي، الرجل الذي يتمتع بشعبية واسعة، ترشحه رسمياً للرئاسة، إلا أن عدداً من مساعديه أكدوا أنه قرر الترشح.

وعلى الرغم من أن التكهنات كافة تُشير إلى أن وزير الدفاع المصري القائد العام للقوات المسلحة المشير عبد الفتاح السيسي يستعد لخلع بذلته العسكرية، بهدف خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة تلبية لمطالب ملايين المصريين الذين طالبوه بالترشح، تُثار مخاوف حول إمكانية أن يكون القرار الجمهوري الصادر مؤخرًا بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مُقدمة لعدم ترشح المشير السيسي بشكل أو بآخر.

ورغم أن مقربين من السيسي رجحوا أن يعلن موقفه بشأن الترشح خلال أيام، إلا أن آخرين رأوا أنه قد يتراجع عن خُطوة الترشح، مفضلاً البقاء في منصبه كوزير للدفاع، وهو ما ترجمه القرار الجمهوري الأخير الذي أصدره الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، والخاص بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الجديد، والذي سيكون برئاسة وزير الدفاع، ويضم 23 عضوًا.

وأثار تشكيل المجلس في هذا التوقيت على وجه التحديد عدداً من الإشكاليات والمخاوف حول إمكانية استمرار السيسي في عمله كوزير للدفاع ورئيس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بما يؤدي إلى عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة أن هذا القرار سبقه بساعات قرار رئاسي آخر بإنشاء مجلس للأمن القومي في إطار القضاء على احتكار الرئيس، بغض النظر عن اسمه وماهيته، لاتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالأمن القومي.

وحول هذه المخاوف، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري البارز اللواء حسام سويلم، قريب الصلة من قيادات القوات المسلحة، إنه لابد من التفريق بين ترشح السيسي للرئاسة وبين القرارات الجمهورية التي يصدرها الرئيس عدلي منصور من أجل تحديد المهمات التي ستقوم بها القوات المسلحة خلال الفترة المقبلة.

وأشارا إلى أن هذه القرارات لها أهمية كبرى في المستقبل القريب، خاصة أنها تحدد صلاحيات المؤسسة العسكرية وصلاحيات مؤسسة الرئاسة، وهو الأمر الذي يمنع الاصطدام بين الجهتين في المستقبل.

وتواصل الحملات الداعمة لترشح المشير السيسي للرئاسة عملها من أجل الترويج له في القاهرة والمحافظات، بقيادة حملة “كمل جميلك” التي تواصل تنظيم مؤتمرات جماهيرية على وقع توجس شعبي وسياسي من إمكانية أن تُخلط الأوراق والحسابات حال عدم خوض السيسي للانتخابات.

واهتمت وسائل الإعلام الدولية بأداء الحكومة المصرية الجديدة لليمين الدستورية، إلا أنها اعتبرت إعلان الحكومة الجديدة وسيلة لوضع حد للانتقادات المتصاعدة التي عانت منها الحكومة السابقة إثر فشلها في الحد من الإضرابات العمالية والاحتجاجات على الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

ورجح البعض أن هذا التشكيل قد يوفر على السيسي مهمة تشكيل حكومة جديدة في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية.. إلا أنها أشارت أيضا إلى احتفاظ اللواء محمد إبراهيم بمنصبه كوزير للداخلية بغض النظر عما يواجهه من انتقادات لتردي الأوضاع الأمنية في البلاد.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إيهاب بدوي، أن الرئيس ناقش خلال الاجتماع الأول بالحكومة “المهام والأولويات” التي وردت في خطاب التكليف الذي وجهه فى 25 فبراير الماضى إلى رئيس الوزراء الجديد المهندس إبراهيم محلب، وتضمنت شقين أساسيين، أولهما استكمال تنفيذ استحقاقات خارطة المستقبل، التي تتمثل في انتخابات رئاسة الجمهورية ثم انتخابات البرلمان، وما يتعلق بهما من ضرورة تضافر جهود العديد من الوزارات لإنجازها على الوجه الأكمل، عبر توفير التأمين اللازم لسير العملية الانتخابية، وإعداد القوائم الانتخابية السليمة، وتحقيق النزاهة والحيادية.

وأضاف إن الشق الثاني تمحور حول تلبية المتطلبات المشروعة والأهداف المستحقة للمواطنين، سواء فيما يتعلق باحتياجاتهم العاجلة، وما يتصل بها من توفير الأمن، ورغيف الخبز الجيد المدعم، والوقود بكافة أنواعه، فضلاً عن تأمين الخدمات الأساسية من نقل، وكهرباء، ومياه للشرب، وصرف صحي، أو ما يرتبط من هذه المتطلبات بأهداف مستقبلية يتعين التأسيس لها.

هذا وقد توالت ردود أفعال الشعب المصري والقوى السياسية والناشطين وتباينت ما بين مرحب ومترقب لاداء الحكومة ومدى قدرتها على تنفيذ المهام الموكلة لها، اضافة الى تحقيق تطلعات الشارع المصري فيما يخص تحسين الوضع الاقتصادي، إلا أنها الجميع طالبوا بأن تتسلح الحكومة الجديدة بالقوة والحسم والشفافية.

وطالب حزب المصريين الأحرار بأن تكون الحكومة الجديدة محدودة العدد ويتم تكليفها بمهمة انقاذ وطنى على كافة المحاور، أمنيا وسياسا وإقتصادياً، وأن تعلن هذه الحكومة على الشعب خطتها على المدى الزمنى القصير حتى يمكن محاسبتها، وذلك لحين موعد اجراء الإنتخابات وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها فى البلاد.

ويأتي ذلك في الوقت الذي دعت فيه عدد من الأحزاب المعارضة إلى استبعاد وزير الداخلية محمد إبراهيم، من الحكومة الجديدة، بعدما حملته مسئولية ما اعتبرته فشلاً في مواجهة “الإرهاب” ومنع انتهاكات حقوق الإنسان في السجون وأقسام الشرطة.

وعلى الرغم من أن القوى السياسية والثورية، عبرت عن ترحيبها بقرار إستقالة حكومة حازم الببلاوي، وتكليف ابراهيم محلب بتشكيل الحكومة الجديدة، اعتبرت بعض القوى ومن ابرزها “التحالف الوطني لدعم الشرعية” المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، أن استقالة حكومة الببلاوي “لن تعفي وزرائها من المساءلة عن الجرائم والمذابح التي ارتكبتها”.

وقال التحالف في بيان له: “إن رحيل حكومة البلاوي وفشلها في مواجهة مشاكل، يؤكد لكل مصري لازال متردداً “أن كسر إرادة الشعب وقهره كان هو المستهدف، وأن سرقة ثورة ۲٥ يناير كان هو الهدف” .. داعياً المصريين “للاستمرار في حراكهم الثوري”.
وبين مرحب ومنتقد للحكومة المصرية الجديدة برئاسة ابراهيم محلب لابقاءه على عدد من الوزراء السابقين، تبقى هذه الحكومة أمام تحديات صعبة كبيرة، وعلى رأس تلك التحديات، إعادة الأمن والإستقرار ووقف نزيف الدم الذي طال رجال الشرطة والجيش، وتحسين الوضع الاقتصادي بمجمله، اضافة الى عدد من المشاكل التي تواجهها مصر، ومن ابرزها مشكلة سد النهضة الأثيوبي والذي يعتبره المصريون سينتقص من حصة مصر من مياة نهر النيل.