الحرب تعصف بتعز مهد انتفاضة الربيع العربي باليمن
الخميس 30 محرم 1437ﻫ 12-11-2015م

 

الجزيرة برس- رويترز- من نوح براوننج –دبي (رويترز) – لم يسلم شيء حتى المستشفيات من القذائف التي تضرب يوميا مدينة تعز اليمنية المحاصرة والتي كانت قد انطلقت منها شرارة المظاهرات التي خرج فيها اليمنيون إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية إبان انتفاضة “الربيع العربي” لكنهم يكافحون فيها الآن من أجل البقاء.

وتقع تعز ثالث أكبر المدن اليمنية تحت رحمة الآلاف من المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذي انتفض سكانها ضده في العام 2011.

ويتهم السكان الحوثيين بمنع دخول المساعدات الغذائية وقصف الأحياء السكنية عشوائيا وهم يحاولون السيطرة على المدينة في الحرب الأهلية المستمرة منذ نحو سبعة أشهر.

وبرغم أن صالح تنحى في 2012 إلا أنه لا يزال يحظى بدعم الكثيرين في الجيش ويعتقد أهل تعز أنهم يتعرضون لعقاب جماعي على يد الحوثيين والموالين لصالح على معارضتهم له في الماضي.

وقال توفيق الشعبي رئيس نقابة المحامين في تعز “كل يوم نعاني من القصف بمدافع الهاوتزر والهجمات بصواريخ الكاتيوشا – ليس فقط على قوات المقاومة ولكن على المناطق المدنية أيضا والمنازل والمستشفيات والأسواق وصنابير مياه الشرب العمومية.”

وأضاف في حديث لرويترز عبر الهاتف “هدفهم هو تركيعنا لأن أهل هذه المدينة رفضوا القبول بأن تسيطر جماعة مسلحة على السلطة في هذا البلد بالقوة ولأننا كنا أول من انتفض ضد الاستبداد في 2011.”

ومن بين أكثر من 5600 يمني قتلوا في الحرب الأهلية يقول مسعفون في تعز إن أكثر من 1600 قتلوا بالمدينة التي كانت تعرف في السابق بتعددها الثقافي.

ويلقي السكان أشد اللوم على محاصريهم. ورغم ذلك فقد تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الأهلية ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران وترددت مزاعم أيضا عن سقوط قتلى كثيرين مدنيين في الضربات الجوية اليومية لطائرات التحالف.

ويقدم الحوثيون أنفسهم على أنهم ثوار يقاتلون الفساد ويصفون معارضيهم في تعز وغيرها من المناطق في ربوع اليمن بالمرتزقة الذين يعملون لحساب الغرب والقوى العربية الخليجية.

ويقول صالح إنه لا يدعم أي طرف لكن منتقديه يتهمونه بالمساعدة في توجيه الموالين له بالجيش لتصفية حسابات واستعادة بعض من نفوذه القديم.

وتدخلت السعودية وحلفاؤها من دول الخليج العربية في مارس اذار دعما للحكومة اليمنية التي اضطرت للانتقال إلى المنفى بعد تقدم الحوثيين إذ تعتبر تلك الدول الحوثيين وكلاء لمنافستهم الإقليمية إيران.

ورغم مئات الضربات الجوية للتحالف في أرجاء اليمن فقد دخل الصراع في حالة جمود إلى حد بعيد. ولا تزال تعز مقسمة بين قوات الحوثيين وصالح من جهة والمقاتلين المؤيدين للحكومة من جهة أخرى.

وتسيطر قوات الحوثيين على مداخل المدينة ويقول سكان إن نقاط التفتيش التابعة للحوثيين تفتش السيارات القادمة ليس فقط بحثا عن الأسلحة وإنما أيضا للبحث عن عبوات الوقود والدقيق (الطحين) وغيرهما من المؤن الأساسية.

ويتم تهريب الحطب على ظهور الحمير عبر الجبال التي تحيط بالمدينة لطهي الطعام وعندما تمكنت شاحنة مياه من تجاوز الحصار الشهر الماضي أطبق عليها العشرات من السكان البائسين بعبوات فارغة.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هذا الأسبوع إنها تفاوضت على مدى أكثر من شهرين من أجل إدخال إمدادات طبية أساسية بما فيها مضخات الأوكسجين ولكن دون جدوى.

وقال عبد الرحيم السامعي وهو طبيب محلي إن من يصابون في القصف لا يلقون مساعدة تذكر داخل مستشفيات المدينة التي تفتقر إلى الامدادات وتعرضت لعمليات قصف متكررة.

وأضاف “انهار القطاع الصحي بشكل كامل. يرى المرء أناسا يموتون أمام عينيه جراء الآلام من أسوأ الجروح الممكنة ولا يقدر على توفير أبسط سبل الراحة.”

ومضى يقول “أصاب 13 صاروخا مستشفى الثورة الرئيسي يوم الأحد. وأمس فقط سقطت قذيفتا مورتر على البوابات وقتلت رجلين. عندما لا يسلم هدف مثل هذا .. فأنا لا أسمي هذا (قصفا عشوائيا) .. بل أسميه متعمدا.”

وظهر تسجيل فيديو لصبي في مستشفى الشهر الماضي يعالج بعدما أصيب هو وأصدقاؤه عقب سقوط قذيفة عندما كانوا يلعبون. توسل الطفل فريد شوقي ذو الست سنوات للأطباء وهو يرتعد ألما قائلا “لا تقبروناش (لا تدفنوني)”.

لكن الطفل استسلم لجروحه وفاضت روحه حيث دفن بعد ذلك بأيام فيما زاد من ضعف الروح المعنوية للسكان الذين يواجهون مشكلات مضنية حتى إذا تمكنت قوات التحالف من الوفاء بوعدها “تحرير” المدينة في نهاية المطاف.

وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هذا الأسبوع أنه يقاتل إلى جانب ميليشيات محلية لطرد الحوثيين من المدينة.

ولا يعرف حتى الآن أن القاعدة تنشط في تعز. وتواجه المدينة حاليا خطر معاناة نفس مصير مدينة عدن الجنوبية التي تم انتزاع السيطرة عليها من الحوثيين في يوليو تموز لكنها سرعان ما انزلقت إلى الفوضى وتعج حاليا بمسلحين من بينهم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالت ندوى الدوسري وهي محللة يمنية تنحدر من تعز “يشكل هذا خطرا إذا دام الصراع لفترة أطول.”

 

وأضافت “في ظل غياب الحكومة كل هذا الوقت واستمرار القتال فمن شبه المؤكد أن يأتي إلى تعز أناس غير مرغوب فيهم في شكل تلك الجماعات المتطرفة.