الجزيرة برس- وكالات- تجدد القصف صباح اليوم الخميس على عدد من المدن السورية ما أوقع شهداء وجرحى، وفي ظل الظروف المناخية الصعبة تزايدت معاناة السكان الذين يحاولون توفير ملاذ آمن لهم ولعائلاتهم.
وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن ستة أشخاص على الأقل استشهدوا صباح اليوم في ريف دمشق، وأوضحت أن من بين هؤلاء الشهداء اثنين عثر على جثتيهما ويبدو أنهما قضيا بسبب التعذيب.
وقال ناشطون إن قوات النظام جددت قصفها منذ الصباح الباكر على طيبة الإمام بريف حماة، وطال القصف أحياء في المدينة وأدى إلى دمار في عدد من المنازل والأبنية بالتزامن مع اشتباكات على أطراف المدينة بين عناصر الجيش السوري الحر وقوات النظام التي تحاول اقتحامها منذ عدة أيام.
وكان ناشطون سوريون قد أكدوا أن مسلحي الجيش الحر تمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة من مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الاشتباكات تواصلت أمس الأربعاء بين القوات النظامية ومقاتلين من جبهة النصرة وأحرار الشام والطليعة الإسلامية داخل المطار، بعدما استطاع المقاتلون اجتياز أسوار المطار والاستيلاء على مساحات واسعة منه وإعطاب عدد من المروحيات.
وأشار المرصد إلى أن القوات النظامية ردت بقصف المطار والمناطق المحيطة به.
من جهته أفاد مصدر عسكري سوري بأن المقاتلين شنوا أمس هجوما عنيفا على المطار، مشيرا إلى أن “الطيران والمدفعية ساندا عناصر حماية المطار، حيث دمرت ثلاث دبابات كانت بحوزة المسلحين”.
وأوضح أن هذا الهجوم تلا هجوما آخر شنه الثوار في وقت سابق “وأسفر عن مقتل عدد منهم وتدمير دبابة كانت بحوزتهم”، مشيرا إلى أن “الطيران السوري ساند وحدة حماية المطار في صد الهجوم الذي دام نحو ثلاث ساعات”.
وأفاد سكان في البلدة بأن “حشودا كبيرة” من المقاتلين توجد في المناطق المحيطة بالمطار، وأن “الطيران والمدفعية قصفا بلدتي تفتناز وطعوم” في ريف إدلب.
في السياق,أعلن المبعوث الأممي العربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الأربعاء أنه لن يكون للرئيس السوري بشار الأسد مكان في الحكومة الانتقالية التي قد تتشكل في إطار تسوية سياسية محتملة, بعدما كان انتقد قبل ذلك بشدة خطابه الأخير, الأمر الذي رحبت به المعارضة السورية.
وقال الإبراهيمي في مقابلة مع وكالة رويترز في ما بدا أوضح موقف له من مستقبل الأسد -حسب تعبير الوكالة- “بكل تأكيد لن يكون عضوا في هذه الحكومة (الانتقالية)”.
وكان الموفد الأممي العربي قد دعا عقب اجتماعه بالأسد الشهر الماضي إلى تغيير حقيقي يبدأ بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات إلى حين إجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية في سوريا العام القادم.
بيد أنه لم يوضح أي مستقبل للرئيس بشار الأسد الذي تنتهي ولايته الحالية عام 2014.
معاناة مضاعفة
من جانب آخر ساهمت الظروف الجوية السيئة التي تعصف بالمنطقة في تفاقم معاناة عدد كبير من السوريين، وقال ناشطون إن مديرا وعددا من المدن والمناطق في ريف دمشق لا سيما في المرتفعات الجبلية كالزبداني وبلودان تعاني من أوضاع إنسانية قاسية في ظل اشتداد البرد والصقيع وانعدام الوقود ووسائل التدفئة، ما ينذر بكارثة إنسانية لعدد كبير من سكان تلك المدن والقرى.
وحسب الناشط الميداني محمد شحادة فإن موجة البرد تسببت في حالات وفاة عديدة خاصة لدى الأطفال الرضع، ووجه شحادة في مداخلة عبر الجزيرة نداء للمنظمات والهيئات الدولية من أجل التدخل وتخفيف معاناة المواطنين الذين يعيش بعضهم في خيام وبنايات غير مهيأة للسكن.
من جهتها قالت منظمة أطباء بلا حدود إن القصف المكثف على شمال إدلب عزل المدنيين وحرمهم من الخدمات الطبية اللازمة، مما أسفر عن وفاة جرحى جلهم مدنيون.
وأوضح بيان للمنظمة أن فريقا لها تمكن من زيارة مناطق تتعرض للقصف العشوائي المتواصل منذ أشهر في شمال محافظة إدلب، وأكدت تعرض طاقمها الطبي لمخاطر جراء حدة القصف وكثافته.
وأشارت إلى أن السكّان بتكاتفهم استطاعوا تشغيل مرفق طبي سري هو الوحيد في المنطقة، غير أن المتطوعين والطاقم الطبي لا يستطيعون التعامل مع العدد الهائل من الجرحى، ومعظمهم مدنيون.
وحسب طبيب تابع للمنظمة عاد لتوه من إدلب، فإن المدينة أصبحت كمدينة أشباح بعدما غادر جزء من سكانها، ونزح إليها هاربون من مناطق أخرى، وأفاد بأن السكان يحاولون معالجة جرحاهم بطرقهم الخاصة، لكن العديد منهم يلقون حتفهم لعدم حصولهم على الرعاية في الوقت المناسب أو بسبب عدم إحالتهم إلى مشافٍ مختصة.
وأشار التقرير إلى أن السكان في شمال إدلب يعانون أيضا ظروفا معيشية قاسية ونقصا في الموارد وصعوبات في التموين، إذ تنقصهم المياه والكهرباء ومواد أساسية مثل الخبز وحليب الأطفال، وتحدث التقرير عن حالات سوء تغذية لدى الأطفال.
وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء، إن الأمطار داهمت نحو 500 خيمة في المخيم، فيما وقعت بعض أعمال الشغب عند توزيع مساعدات على اللاجئين، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف عمال إغاثة.
ويستضيف الأردن أكثر من 290 ألف لاجئ، منهم حوالي 65 ألفا في مخيم الزعتري.
وتفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بأن عدد اللاجئين السوريين المسجلين والذين ينتظرون التسجيل في الأردن يبلغ 142 ألفا و664.
ويقول فصل إسماعيل (40 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال بألم وحسرة، رافعا كفيه إلى السماء “لم يبق لنا إلا الله، هو الذي نجانا من الحرب وسينجينا من هذه المحنة”.