الجزيرة برس-المنامة -/قنا/ أكد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين أن اجتماع المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون بدول الخليج العربية في مملكة البحرين يعد حدثاً هاماً ويأتي في ظل ظروف وأوضاع متغيرة تشهدها المنطقة والعالم.
واعتبر وزير خارجية البحرين، في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع سعادة السيد عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عقب اختتام أعمال الدورة الـ33 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، أن هذه القمة تعبر عن أربع حقائق وهي أن اللقاء بين قادة دول المجلس التعاون فرصة من أجل التشاور وبحث القضايا والمستجدات وتبادل الآراء والرؤى بما يعزز العمل الخليجي المشترك، فضلاً عن أن اللقاء اليوم بالبحرين يعد علامة بارزة في تاريخ المجلس خاصة وأنه يأتي في ظل ظروف وتحديات دقيقة وصعبة وأطماع مختلفة تتطلب رؤية واضحة في كيفية التعامل معها.
ولفت إلى أن مجلس التعاون كان في مستوى هذه التحديات وأصدر عدة قرارات مهمة من بينها الموافقة على إنشاء قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس، معتبراً أن هذا إنجازاً كبيراً في توحيد العمل الدفاعي المشترك لصد الأخطار التي تهدد المنطقة، إضافة إلى أن اعتماد الاتفاقية الأمنية المعدلة التي وقعها وزراء الداخلية مؤخراً والتي تؤكد على المسئولية المشتركة للحفاظ على أمن واستقرار المجلس، ثم الموافقة على مقترحات الأمانة العامة حول تعميق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس التي سوف تدفع نحو توحيد السياسات المالية والنقدية وتكامل البنية الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاحية وذلك بناء على جداول زمنية محددة للوصول إلى الهدف المنشود.
ونبه الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إلى أن القرارات المهمة التي اتخذها أصحاب الجلالة والسمو حفظهم الله اتسمت بالموضوعية والإدراك التام لأهمية العمل الخليجي المشترك من أجل إرساء دعائم التعاون والتكامل وصولاً إلى مرحلة الاتحاد.
وقال إن البيان الذي صدر عن قمة البحرين، أكد على أهمية التوجه الواعي والمدرك لأهمية المواطنة الخليجية من أجل مزيد من الترابط الذي يجمع المجتمع الخليجي بكافة أطيافة.
وأكد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين أن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية والذي حمل اقتراح الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، لقي مباركة وترحيب قادة دول مجلس التعاون، وجدد حرص خادم الحرمين الشريفين على ضرورة وجود اتحاد متماسك يلبي آمال وطموحات شعوب دول المجلس الخليجي واستكمال الوحدة الاقصادية وبلورة سياسة خارجية موحدة وبناء منظومة دفاعية وأخرى أمنية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي لدولنا.
وأضاف الوزير البحريني أن المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون بدول الخليج العربية ثمن دعوة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لاستضافة مؤتمر الدول المانحة لمساعدة الشعب السوري الشقيق وذلك خلال الشهر القادم بالكويت.
ورد على سؤال حول السقف الزمني للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، قال وزير الخارجية البحريني إن العجلة بدأت من قمة الرياض في العام الماضي وتم التأكيد عليها في قمة تشاورية وتشكلت مجموعة عمل من الدول الست لوضع الهياكل والتصورات، وسيتم الإعلان عن هذا في حينه بعد استكمال جهود البحث في قمة خاصة بالرياض وقال “لندع الموضوع يأخذ وقته ويتمم على أكمل وجه”.
وبشأن الأزمة السورية، قال وزير خارجية البحرين إن موقف دول مجلس التعاون لا يتجزء عن موقف العالم العربي، موضحاً “أنه متجانس بهذا الشأن وإن كان من داخل دول المجلس من يبذل جهداً أكبر فهذا من الواجب اتجاه الشعب السوري الشقيق وما يعاني منه”، مضيفاً أن ذلك متجانس مع موقف المجتمع الدولي الذي سمعناه في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري.
ووصف وزير الخارجية البحريني الوضع الإنساني في سوريا بالخطير جداً، قائلاً “علينا الانتباه لهذه القضية وبالتالي الجهد يجب أن ينصب على تقديم الإغاثة وقد أوضح البيان الختامي الجهود التي قامت بها الدول في هذا الشأن”.
ولفت إلى ارتفاع عدد اللاجئين السوريين بدول الجوار إلى ما يبلغ نحو مليون شخص في القريب العاجل وهو أمر خطير ولا يصح أن لا نعمل شيئا لأشقائنا وإخواننا السوريين أما بالنسبة للحل السياسي فهذه القضية لها أبعاد دولية وتناقش على أعلى المستويات وهي مطروحة على مجلس الأمن ونتمنى أن يكون هناك نوع من التفاهم ونوع من النظرة المشتركة التي تحفظ مصالح الجميع فيما يتعلق بالاستقرار في هذا البلد الجريح ودول مجلس التعاون تعمل بجد في هذا الموضوع.
وفيما يتعلق بالدور الروسي في الشأن السوري، نوه إلى أنه دور مهم “واجتماعاتنا مع الجانب الروسي جزء مهم من الحوار الاستراتيجي الذي يجري بالتعاون مع روسيا لأنها دولة مهمة وهي من الدول الخمس الكبار في العالم”.
أما فيما يتعلق بالتدخلات الإيرانية في المنطقة، قال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين إن جهود التواصل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم ولن تتوقف حيث تربطنا بها علاقات تاريخية وإن كانت هذه العلاقات تمر بمراحل مختلفة لكن هناك أمور يختلف عليها مع إيران وتم توضيحها بالبيان الذي تلي في ختام القمة.
وأكد أن دول المجلس تحرص على أن تكون العلاقات مع إيران في الطريق الصحيح، وأن لا يقوم أي طرف بالتدخل في شؤون الطرف الآخر وأن لا يقوم أي طرف بوضع المنطقة في طريق تصادم يعرضها لأي خطر سواء كان هجوماً أو خطراً بيئياً.
وأضاف “قد كنا واضحين عندما تحدثنا عن حق إيران في امتلاك طاقة نووية سلمية وربطنا التزام إيران بمعايير السلامة الدولية فيما يتعلق بالمنشأة إذ أن الخطر ليس مرتبطاً بعنف أو حرب لأن المفاعلات مهددة في حالة السلم إذا كان هناك أي خلل في هذه المفاعلات وقد بينا هذا الأمر لإيران”.
أما فيما يخص تشكيل فيلق عسكري خليجي، قال وزير الخارجية البحريني إن هذه الفكرة طرحت من قبل من جلالة السلطان قابوس ومن طرف خادم الحرمين الشريفين وتم اتفاق عليها من طرف مجلس الدفاع المشترك، وقال “إن هناك جهداً يتمثل في قيادة تنسيق الجوي المشترك والبحري وهذا كله عبارة عن مظلة تجمع كل هذه الجهود”.. مضيفا أن درع الجزيرة موجود وسيبقى وهو شيء أساسي في العمل الدفاعي المشترك.
وبخصوص الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من الجانب الإيراني، قال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن موقف دول مجلس التعاون واضح بأنها جزر إماراتية محتلة ويجب أن تعود للإمارات سواء بالمفاوضات أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية وأي خطوة تتخذها إيران في هذا السياق لن تعود بأي فائدة قانونية لإيران وندعوها للتجاوب مع هذه المساعي ويبقى موقفنا واضح ولن يتغير وندعم كل خطوة تتخذها الإمارات بهذا الشأن.
وحول عدم تطرق البيان الختامي في أي فقرة منه لدول الربيع العربي وبخاصة مصر، قال وزير الخارجية البحريني إن العلاقات مع مصر أكبر من كل البيانات فهي علاقات قديمة أخوية وهناك التزام كامل من دول مجلس التعاون في بناء هذه العلاقة ودفعها إلى الأمام وقد تمت الإشارة إليها في البيان الختامي من منطلق الدور الذي قامت به فيما تعرضت له غزة.
وفيما يتعلق ببرنامج التنمية الخليجي ودعم مملكة البحرين، قال الشيخ خالد آل خليفة إن الأمور في مملكة البحرين تسير بالاتجاه الصحيح حيث أعلنت دولة الكويت عن تخصيص الدعم المرصود من جانبها للمملكة إلى جانب بعث المملكة العربية السعودية فريقا بهذا الخصوص وهناك مشاريع يعمل على تنفيذها ونفس الأمور مع دولة الإمارات، إضافة للتواصل المباشر مع دولة قطر وهناك اجتماع قادم مع معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لبحث تفاصيل هذا الشأن ونحن مطمئنون لهذا الدعم المبذول من دول مجلس التعاون الذي يصب في الالتزام والازدهار المشترك لدوله.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالتعاون الخليجي مع الأردن والمغرب قال إن بيانات القمم واضحه وكان هناك لقاء أخير مع وزيري خارجية البلدين تم خلاله بحث العلاقات بين البلدين ومجلس التعاون وخصصت مبالغ معينة لكلا الدولتين على فترة زمنية لدعم المشاريع وهذا يدل على التزام دول المجلس اتجاة أشقائها لدرء أي خطر ومصاعب عنهم.
وفيما يتعلق بالحديث عن خطط لمواجهة تيار الإخوان المسلمين، قال وزير الخارجية البحريني “إنه لا توجد أي خطط ضد أي أحد سواء إخوانا مسلمين أو غيرهم في بلدان المجلس، نحن بلدان نركز على الخطط التنموية تحسن أوضاع شعوبها وتحقق تطلعاته أما خطط توضع لمواجهة هذا أو ذاك فهذا ليس من صلب عملنا”.
من جهته، أعرب سعادة السيد عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن شكره لجهود الأمانة العامة بكافة منتسبيها التي تضمنتها كلمات كافة أصحاب الجلالة والسمو حفظهم الله بالجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة والثلاثين، واصفاً أن هذا يزيد من الشعور بالمسئولية والواجب السامي لأداء مسئولياتها.
وأضاف أن الروح التي سادت بين القادة كانت كاعادتها إيجابية ومتفائلة بمستقبل العمل الخليجي حيث استعرض أصحاب الجلالة والسمو التوصيات والتقارير المتابعة للمجلس الوزاري حيث عبروا عن تقديرهم للجهود المخلصة التي تدعم العمل الخليجي المشترك وأكدوا على ضرورة مواصلة العمل لإنجاز كل مافيه خير وتطور وازدهار الإنسان الخليجي.
وأشار إلى أن المجلس الأعلى وجه اللجان المعنية بتنفيذ ما ورد بالاتفاقية الاقتصادية وأقر المجلس الأعلى مرئيات الهيئة الاقتصادية التي أعدتها وأحالتها إلى اللجان الوزارية المختصة لوضع الآليات التنفيذية كما قرر إحالة عدد من الموضوعات من أجل دراستها وتدقيق مرئياتها.
وقال إن المجلس اطلع على تقرير بآخر المستجدات التي تهم الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي وسكة الحديد بدول المجلس ووجه بمواصلة الجهود بهذا الشأن، فضلاً عن اعتماد المجلس الأعلى خطة التعاون المشترك بين المجلس ومملكتي الأردن والمغرب لتفيذها من خلال علاقة استراتيجية تعزز العلاقات الأخوية الوثيقة بين دول مجلس التعاون والبلدين الشقيقين.
وأضاف أن المجلس الأعلى اطلع على تقارير بشأن مفوضات مع الدول والتكتلات العالمية في إطار الحورارات الاستراتيجية، لافتاً إلى أن المجلس اعتمد عدداً من القوانين والأنظمة والاستراتيجيات والقواعد المهمة لتعزيز العمل الخليجي المشترك وأقر إنشاء شبكة خليجية لضمان الجودة في التعليم العالي.
وفي رد على سؤال حول الاتفاقية الأمنية قال إنها كانت مثار جدل في السابق واليوم سميت بالاتفاقية الأمنية المعدلة وراعت الدساتير والقوانين المحلية والوطنية، موضحاً أن هذه الاتفاقية الأمنية المعدلة مهمة جداً ليس فقط في مكافحة الجريمة بل لتعزيز الأمن الذي يرجى منه تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة لأن كل هذا يحتاج إلى أمن وبيئة آمنة ومستقرة، مضيفاً أن الاتفاقية لديها دور كبير في تعزيز العمل المشترك في حالات الكوارث على سبيل المثال.
وبشأن الملف اليمني قال الزياني “إن القادة مهتمون بالوضع اليمني وقد جددوا دعمهم لقرارات فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي صدرت في إطار المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وإلى الآن انتهت المرحلة الأولى بالنجاح وبدأت الآن المرحلة الثانية وهي الحوار الوطني وكل الجهود تسعى إلى دعم الجميع لأن الحوار الوطني هو الآلية التي تعالج كافة القضايا”.
وأضاف “تم التحضير للمؤتمر وتوزيع المقاعد ونتمنى للإخوة في اليمن كل التوفيق والجهود مستمرة بالتنسيق مع دول المجلس حيث تم إنشاء مكتب للأمانة العامة لدول المجلس في صنعاء لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية، ذاكراً أن هناك جهود تبذل من طرف السعودية والمملكة المتحدة من خلال أصدقاء اليمن والدول المانحة لليمن بتوفير الدعم المالي لليمن لدعم التنمية الاقتصادية باليمن حيث تم جمع 8 مليارات دولار أغلب هذا المبلغ مقدم من دول الخليج وهذا يدل على حرص دول المجلس على دعم الاستقرار باليمن”.