الجزيرة برس- اسلام ويب- جدل كثيف أثاره ولا يزال الإعلام المصري الخاص الذي يسمي نفسه الإعلام المستقل بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك قبل عامين تقريبا، سواء كان ذلك في تغطيته للأحداث أو مهنيته أو مصادر تمويله.
بموقفه المناهض لثورة 25 يناير ودعمه للنظام السابق ثم تحوله المفاجئ واللافت وركوبه الموجة بعد انتصار الثورة، كل ذلك وضعه في دائرة الريبة والشك، إذ لم يجد صحفيوه حرجا في التحول من النقيض إلى النقيض، مبررين أن ما قاموا به كانوا مجبرين عليه.
الصحفي والكاتب السياسي همام عبد المعبود يرى أن أغلب الإعلام الخاص مملوك لرجال أعمال ارتبطوا بالنظام السابق، ولذلك فهم يدافعون عن مصالحهم التي تبدو مهددة بالدستور الذي يجري الاستفتاء عليه لما به من عزل سياسي.
دفاع عن مصالح
استقطب هذا الإعلام صحفيين بارزين بفضل الامتيازات المادية التي يقدمها، إذ يصل راتب الواحد منهم نحو مليون جنيه في الشهر.
وأبرز القنوات الخاصة هي “الحياة” المملوكة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السيد البدوي، و”دريم” لرجل الأعمال أحمد بهجت، و”أون تي.في” لرجل الأعمال نجيب ساويرس، و”سي.بي.سي” لرجل الأعمال محمد الأمين رجب، و”ميلودي” لرجل الأعمال جمال مروان.
ويقتطع هذا الإعلام نسبة كبيرة من سوق المشاهدة والإعلان، خاصة برامج ما يسمى “التوك شو” التي مكنتها من التأثير في الرأي العام، تدعمها في ذلك صحف يملكها نفس رجال الأعمال.
ويرى مدير تحرير صحيفة “الأخبار” القومية علاء عبد الهادي أن هذا الإعلام لم يعد يغطي الأحداث، ولكنه مشارك وفاعل فيها. وأضاف أن “كثيرا من الفضائيات اليوم تقف موقفا عدائيا صريحا من الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وفي نفس الوقت تدعي أنها قنوات حيادية، وهذا ينطبق على القنوات التي تتبنى فكر جماعة الإخوان”.
وتشتكي التيارات الإسلامية من أنها أصبحت الهدف الأول لهذا الإعلام الذي يحاول أن يخلق منها عدوا، ويعمد إلى تشويه صورتها أمام الرأي العام المصري، بعد المكاسب التي حققتها خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية.
ويقول عبد المعبود إن “وسائل الإعلام هذه تعمل كأنها حزب سياسي، فهي تمارس السياسة ولا توجد لديها مهنية على الإطلاق، وهناك جبهة إعلامية قوية تُدفع لها أموال طائلة دشنها هذا الإعلام بهدف إسقاط الرئيس مرسي”.
وخلال الأسبوعين الماضيين اعتصم العشرات من أنصار السلفي حازم أبو إسماعيل أمام مدينة الإنتاج الإعلامي تنديدا بما سموه افتراء الإعلام عليهم، لكنهم اتهموا بالاعتداء على الفنانين والصحفيين.
بيد أن مدير تحرير صحيفة “المصري اليوم” المحسوبة على التيار الليبرالي إيهاب الزلاقي يدافع عن أداء الإعلام الخاص، ويرى “أنه لم يتغير من الناحية المهنية لأن هذا الإعلام اكتسب جماهيريته من موضوعيته”.
لكن علاء عبد الهادي لا يرى حيادية لدى هذه الفضائيات، إذ إن مذيعيها يتخذون موقفا ويوجهون إليه الرأي العام، “وهذا ليس دور المذيع، وإنما دوره أن يقف بحيادية ويعرض الآراء المختلفة للجمهور”.
ويعترف الزلاقي أن “حالة الاستقطاب السياسي الحاد انعكست قليلا على هذه المؤسسات، وهي مع ذلك تحرص على استضافة جميع الأطراف في برامجها حتى الإخوان الذين يتهمونها”.
تخبط شديد
ويضرب الزلاقي مثلا بصحيفته “المصري اليوم” التي يرى أن ملاكها -وهم رجال أعمال- لا يتدخلون مطلقا في خطها التحريري منذ أيام مبارك، معتبرا أن المحرك الأساسي هو العمل الصحفي ونبض الشارع.
أما الإعلام الحكومي فهو من وجهة نظر صحفيين يعملون فيه يسير بتخبط شديد منذ بدأ رحلة الانفتاح بعد سنوات من احتكاره لتسويق النظام السابق، كما خلق التفاوت الكبير في الامتيازات بين قيادته وصحفييه نقطة صراع رئيسية لا تزال تلقي بظلالها عليه.
أما الطرف الثالث وهو الإعلام الحزبي فهو ضعيف لا يكاد يوجد له تأثير، ويرجع عبد المعبود ذلك في حالة الإسلاميين إلى نقص الخبرة بسبب الحرمان الطويل من قبل الأنظمة السابقة، لكنهم مع ذلك يحاولون الانفتاح على الآراء الأخرى بإفساح المجال أمام مشاركتها في منابره الإعلامية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الجزيرة نت