أكذوبة الربيع العربي : د.عبده البحش
الأربعاء 20 صفر 1434ﻫ 2-1-2013م

عنوان هذا المقال لن يعجب الكثيرين في اصقاع الوطن العربي خصوصا الذين ظنوا انفسهم ثوارا حقيقيين وأنهم يقودون ثورة حقيقية من تلقاء انفسهم مع ان وضع الدول العربية ليس على ما يرام ويحتاج ليس الى ثورة واحدة بل الى ثورات عديدة تقتلع الفساد والظلم من جذوره.

لست اقصد الهجوم على من سموا انفسهم ثوارا ولا الدفاع على انظمة الحكم الاستبدادية الظلامية والتي هي بالتأكيد السبب الرئيسي لما سمي ثورات الربيع العربي مع احترامي لتلك الجموع التي اندفعت في لحظة واحدة لتثور في وقت واحد وكأنها كانت غافلة طيلة السنوات الطوال الماضية حينما كان الحاكم العربي يتصرف وكأنه المالك الحقيقي للبلد الذي يحكمه ارضا وإنسانا.

يبدو ان الشعوب العربية لم تتعلم من التاريخ ولم تستفد من تجارب الشعوب والأمم الاخرى ولم تستفيد ايضا من تجاربها المريرة سواء في العصور القديمة والوسيطة او الحديثة ، كونها انساقت الى الشوارع كالقطعان الهائجة متأثرة بإيحاء قناة الجزيرة التي هيجت مشاعر وعواطف الجماهير وقادة سلوكهم وتصرفاتهم وأفعالهم نحو هدف غربي خفي شرير غلف بخرافة الربيع العربي الذي وصفه هيكل بانه سايكس بيكو جديدة لتقسيم المقسم والسيطرة على الثروات العربية وتمزيق مجتمعاتها.

لقد استطاعت الشيخة موزة بقنواتها الاعلامية وثرواتها المالية تنفيذ اكبر مخطط صهيوني ضد الامة العربية لتدميرها وتمزيقها وإنهاكها بخرافة الربيع العربي لإقناع الشعوب العربية النايمة الغبية بالانتفاضة الشعبية العارمة على انظمة الحكم الاستبدادية بمجرد حملة اعلامية واسعة شنتها قنوات الجزيرة والعربية علما ان تلك القنوات تدار بأصابع صهيونية خفية لتنفيذ اجندة غربية خفية تحت شعارات براقة من قبيل التغني بالحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان والتبشير بمستقبل الرفاهية والازدهار والعيش الكريم.

تلك اشعارات التضليلية الخيالية الوهمية جعلت الناس سكارى وما هم بسكارى فخرجوا عن بكرة ابيهم من دون ادنى وعي لما يكمن خلف الشعارات من مخططات صهيونية وغربية شريرة بدت تتضح معالمها الان وستتضح بجلاء اكبر في الايام والشهور والسنون القادمة وعندها ستلطم الشعوب العربية وجوهها عندما تفيق من غفلتها وتصحو من نشوتها لتجد نفسها في واقع مأساوي تسوده الصراعات الداخلية والفوضى والهمجية والنزاعات البينية التي ستكون لها بداية ولن تكون لها نهاية ابدا.

ذلك هو المخطط العربي الصهيوني للبلاد العربية الذي بشر به بعد احتلال العراق من لدن القيادات السياسية الامريكية بإطلاق مسمى الشرق الاوسط الجديد للإجهاز على الدول العربية واغتيال حلم ابنائها ومستقبل اجيالها بمخطط تفكيك تلك الدول وضرب جيوشها وزرع الفوضى الخلاقة بين مجتمعاتها لتكون بديلا للأمن والاستقرار والتطور والتقدم والازدهار ، وللأسف الشديد ان ذلك المخطط قد تم تنفيذه بذكاء شديد تحت شعار خادع غادر اثم مجرم هو الربيع العربي.

الان لننظر الى دول الربيع العربي بدءا من تونس ثم مصر وليبيا وسوريا واليمن ثم نتمعن ونتأمل ما الذي حدث لتلك البلدان وماذا جنت من الربيع العربي الذي روجت له الشيخة موزة بقنواتها الفضائية ودعمته بثرواتها المالية الضخمة ، فهاهي تونس اليون تعاني من بؤس الحياة المعيشية وارتفاع المديونية وازدياد العاطلين عن العمل ، اما ليبيا فيا حسرتاه ووا عيبتاه فقد دمرت بالكامل بطائرات الناتو ومدافع ورشاشات الثوار وأصبحت اشلاء ممزقة وثرواتها بيد الاستعمار الغربي القديم الجديد ، ومصر ام الدنيا لم تعد اما لها ولا حتى بنتها او اختها بسبب الفوضى السياسية العارمة والانقسامات الحادة بين مكوناتها الاجتماعية وقواها السياسية في الوقت الذي فيه يتدهور اقتصادها ويضعف انتاجها وتتناقص مواردها المالية فيما تسجل مديونيتها العامة ارتفاعا مضطردا لو استمر على ما هو عليه فإننا سنشهد ام الدنيا تعلن افلاسها فهل من مغيث ، اما سوريا فاشهدي يا ارض واشهدي يا سماء على ما فعل فيها الربيع العربي وما احدث من فتنة بين ابنائها يقتل بعضهم البعض ويدمر كل طرف منهم قدراتها ويرهق طاقتها ويهدم قراها ومدنها ويستنزف اقتصادها ويضعف جيشها ، وما زاد الطين بلة في سوريا اعلانها قبلة للمجاهدين ووجهة للثائرين من كل حدب وصوب بتحريض من فقهاء الشيخة موزة عبر قنوات اعلامها والإغراء بما تنفقه من اموالها على الربيع العربي في سوريا لتثبت للغرب وإسرائيل صدق عزمها وجدية اخلاصها وتفانيها في خدمة اسيادها الاسرائيليين والأمريكيين.

اخيرا اعزائي لا تظنوا اني ادافع عن الحكام الطغاة العرب وعن سياساتهم الرعناء وإنما انا اهدف الى فضح اكذوبة الربيع العربي وزيف شعاراته وكشف مقاصده الخبيثة والشريرة التي هي بالطبع اخبث من الحكام العرب وفسادهم وطغيانهم وظلمهم وظلامهم والسلام ختام.

*رئيس الدائرة السياسية بمركز الدراسات والبحوث اليمني       

Albahesh2005@yahoo.com                 

التعبير  نت